للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهذا يعني أن الفراسة قرينة إثبات عدم الأهلية للحكم، وليست قرينة الأهلية للحكم، إلا ما كان من أثر عمر الذي أشرنا إليه آنفا حين قال لمن أقسم لديه- وقد أتي به متهما بالسرقة- أنه لم يسرق: (ما كان الله ليسلم عبدا عند أول ذنبه) .

وعمر رضي الله عنه من أفرس الناس، فلو تصرف فيه سيما خير أو اضطرارا أو كان في ظرف استثنائي، لما قطعه، كما لم يقطع غيره ممن كانت فراسته فيهم دالة على إثبات عدم أهليتهم للحكم عليهم.

لكن إذا كانت فراسة الحاكم في متهم لديه بحد من الحدود، تحمله على اعتباره مجرما، ولم تكن التهمة مستندة على ضبطه متلبسا، ولا على شهادة موجبة لإقامة الحد، ولا على إقرار اختياري ثابت منه، انحصر تأثيره في أنها تبيح له- وربما توجب عليه- أن يلجأ إلى وسائل حمل المتهم على الاعتراف الاختياري أو الاعتراف المقترن بتقديم ما يثبت صحة الاعتراف، مثل المال المسروق أو وصف السرقة كيف وقعت، وتعيين ووصف المكان الحريز الذي سرقت منه، فإن لم تجد هذه الوسيلة في انتزاع الاعتراف الاختياري أو المقترن بحجج تثبته من المتهم، وجب عليه إطلاقه، وجاز له وضعه تحت الرقابة.

وفي كثير مما عرضنا له في هذا البحث من الآثار في الحكم بالأمارات، أنماط مما يدخل في نطاق الفراسة.

<<  <  ج: ص:  >  >>