للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وعمر هذا هو الذي أتي برجل فسأله أسرقت؟ قال: قل: لا، فقال: لا، فتركه ولم يقطعه (١) .

وما من مسلم يرتاب في أن صدور أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ومنهم بعض الخلفاء الراشدين، يلقنون المتهم أو المشهود عليه للسرقة أن ينكر من دون سبب، والشبهة التي قد يستند إليها أولئك الواهمون الموهمون، هي الفراسة وليس غيرها.

وقد يكون مصدرها التوسم في المتهم أو المشهود عليه إنه اضطر اضطرارا، فليست فيه سيما المجرم (٢) . كما روي عن عمر رضي الله عنه، وهو من هو شدة في دين الله- أنه أتي بسارق قد اعترف، فقال عمر: إني لأرى يد رجل ما هي بيد بسارق، فقال الرجل: والله ما أنا بسارق، فأرسله عمر، ولم يقطعه (٣) .

وقد يكون الظرف كما كان شأن عمر في عام الرمادة، إذ أوقف قطع يد السارق لما أصاب الناس يومئذ من شدة الجوع والحاجة، وفعله هذا مشهور تناقلته جميع مدونات الآثار والأحكام.

ومن يتأمل ما روي في هذا المجال من آثار عن صدور الصحابة وبعض الخلفاء الراشدين، يتبين أنهم اعتمدوا الفراسة قرينة لدرء الحكم على المتهم أو المشهود عليه في حد من الحدود.


(١) انظر عبد الرزاق- المصدر السابق، أثر: ١٨٩٢٠.
(٢) انظر التعاليق رقم: (١٧١) و (١٧٢) و (١٧٤) .
(٣) انظر ابن أبي شيبة- الكتاب المصنف، ج: ١٠، ص: ٢٤- ٢٥، أثر: ٨٦٢٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>