ظهرت في هذا العصر أحوال، لولا نصوص القرآن الكريم والسنة النبوية، لكانت أقوى من الشهادة على من اتسم بها، فالشهادة يمكن أن يكون فيها تزوير من شهود لهم على من شهدوا عليه ثارات أو أحقاد، ويمكن أن يكون فيها خطأ في المشاهدة، لكن هذه الأحوال قل ألا تكون موجبة لإقامة الحدود على من ظهرت عليه، فالمصاب بمرض الزهري والمصاب بمرض فقد المناعة المكتسبة (السيدا) لاسيما إذا لم يكن متزوجا أو إذا أصيب وهو غائب عن زوجته غيبة طويلة، أو كان متزوجا فظهر عليه ولم يظهر على زوجته من قبله- إذ لو ظهر من بعده، لكان بعدوى منه- من الصعب عدم اعتبار إصابته ناتجة عن غير ممارسة جنسية غير مشروعة، وحتى وإن كانت بالعدوى فممن جاءته هذه العدوى؟.
الأرجح الذي يبلغ درجة اليقين، أن الإصابة كانت نتيجة لممارسة جنسية غير مشروعة، ومع ذلك، فسواء اعترف أو لم يعترف، لا يجوز إقامة الحد عليه محصنا أو غير محصن، وإن أجمع كل أطباء الدنيا على أن الإصابة كانت من ممارسة منه، وليست بعدوى من غيره من طريق غير الطريق الجنسي المباشر، كالتقبيل وما شابه ذلك، لأن أولئك الأطباء المجمعون لا يعتبرون شهودا في الشريعة الاسلامية، إذا لم يشهدوا العملية عند وقوعها ولم يصفوها وهي واقعة كيف شهدوها ولم يثبتوا أنها وقعت وقوعاً كاملا موجبا للحد، وأنى لهم أن يثبتوا ذلك؟