للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ما من شك في أن تحديد مدة الحيازة وتعيين مواصفاتها، بل وتصور بعض أشكالها، تجب إعادة النظر فيها لتتطابق الأحكام والصيغ التي ينتهي إليها مع مقتضيات هذه الظرف الذي تغيرت فيه حياة البشر تغيرا جوهريا، وبدون ذلك تتعطل الكثير من الحقوق، وليس هذا مجال بسط القول في هذا الشأن.

ونعود إلى ما نقصد إليه من التعرض لقرينة الحيازة في هذا البحث، لا سيما ما يترتب عنها من أحكام تتصل بالتشريع الجنائي، وهذا مثال لهذا النوع من الحيازة: لو أن شخصا وجد عنده سلاح في المسجد أو في مجمع من الناس، في ظرف لا توجد فيه أية علامة على احتمال حدوث ما يخل بالأمن فيه، أو في حافلة للركاب، أو في القطار، أو في طائرة، أو في باخرة، فلما سئل عن هذا السلاح، زعم أنه ليس ملكا له، وإنما هو ملك لغيره ممن ليس حاضرا معه في ذلك المكان وذلك الزمان، فهل تعتبر دعواه أم ترفض؟ ويعتبر حائزا لذلك السلاح حيازة ملك أو تصرف، مع ما يترتب عن هذا الاعتبار من احتمالات وأحكام؟

ولو صدقناه أو جاء بقرينة على وجاهة احتمال صدقه، فإن ذلك لا ينفي التساؤل عن علة حمله ذلك السلاح في ذلك المكان في ذلك الظرف. ولو كان شريكا مع غيره في غرفة من غرف الباخرة، أو على كرسي من كراسي الطائرة أو الحافلة، أو جليسا لغيره في المسجد أو المحفل، فادعى أن السلاح ليس ملكا له، وإنما هو ملك لشريكه أو جليسه ذلك، وأنكر الشريك أو الجليس أية علاقة بذلك السلاح، وعن الفحص الكيميائي، وجدت بصماته على ذلك السلاح، ولم توجد بصمات شريكه، فكيف يكون الحكم. ثم لو وجدت بصمات شخص آخر غيره وغير شريكه، فكيف يكون الحكم. ثم لو وجدت بصمات شخص آخر غيره وغير شريكه، وتبين أنه كان يمسك ذلك السلاح حين وضعه بين ثيابه أو في أمتعته بلفافة، فمن يكون المالك لذلك السلاح، إذ أن تحديد مالك السلاح يبتدئ منه تحديد المسؤولية الجنائية، لا سيما إذا كان من وجد عنده السلاح مشبوها أو مراقبا من المسؤولين على حفظ الأمن.

<<  <  ج: ص:  >  >>