وقد حاول بعضهم أن ينكر اعتبار الرائحة قرينة، اعتمادا على ما حاول عبيد الله بن عمر أن يتملص به. من إقامة الحد عليه، إذ ادعى أنها ليست رائحة خمر، وإنما هي رائحة الطلاء، وكأنه يجهل أو يتجاهل ما كان مجمعا عليه يومئذ، من اعتبار كل مسكر خمر وكل خمر حرام فقال هؤلاء: إن من الفاكهة ما تكون رائحته من آكلها كرائحة الخمر، وبذلك ناقضوا أنفسهم وهم لا يشعرون، فهؤلاء أنفسهم القائلون بأن الخمر هو عصير العنب فحسب، وأن الحد لا يقام على من شرب غيره إلا إذا سكر، فوقعوا من تناقضهم في مأزق مضحك، فالرائحة المنبعثة من آكل العنب لا تشبه رائحة عصير العنب إذا صار خمرا، لأنها تكون عندئذ حادة جدا، لا كرائحة آكل العنب فاكهة، وكان الأولى بهؤلاء أن يلبسوا على الناس دينهم بالقول بأن الرائحة المنبعثة قد تكون رائحة شارب الخل، لكنهم لم يفعلوا، ولله الحمد.