ومن هنا نتبين خطورة القرائن القانونية، فهي وإن كانت تقام على فكرة ما هو راجح الوقوع، يقيمها القانون مقدما، ويعممها دون أن تكون أمامه الحالة بالذات التي تطبق فيها كما هو الأمر في القرائن القضائية، ومن ثم تتخلف حالات - تتفاوت قلة وكثرة - لا تستقيم فيها القرينة القانونية.
ف: ٣٢٣-: مهمة القرينة القانونية هي الإعفاء من الإثبات: وتختلف القرينة القضائية عن القرينة القانونية، في أن الأولى تعتبر دليلا إيجابيا في الإثبات، وإن كانت دليلا غير مباشر
هي أول دليل إيجابي: لأن الخصم يتوصل بها إلى إثبات دعواه، وعليه أن يستجمع عناصرها ويلم شتاتها ويتقدم إلى القاضي باستنباط الواقعة المراد استخلاصها منها، والقاضي- بعد- حر في مسايرة الخصم، فقد يسلم بثبوت الواقعة التي هي أساس القرينة، وقد لا يسلم، وقد يقر استنباط الخصم، وقد لا يقر، ولكنه -على كل حال- ليس ملزما أن يستجمع هو بنفسه القرائن، وأن يستخلص منها دلالتها، بل على الخصم يقع عبء تقديم القرينة، وإن كان للقاضي أن يأخذ -من تلقاء نفسه- بقرينة في الدعوى لم يتقدم بها الخصم.