للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

١٣- هذه هي المعالم التي تميز القرائن وتكشف عن طبيعتها، ومصدرها وشروطها وطريقا في الاستدلال على الواقعة المراد أصلا- إثباتها.

ولعل مما يلقي الضوء بصورة أكثر إشراقا، هو محاولة التمييز بين هذه القرائن وما يشتبه بها من أمور.

١٤- فقد سبقت الإشارة إلى أن القرينة تختلف عن الأمارة، فالأخيرة هي التي تشكل الواقعة التي يستخلص من ثبوتها القرينة الدالة على الواقعة المجهولة، فهي سابقة في الوجود العقلي على استخلاص القرينة، وهي لا تثبت الواقعة المدعى بها بذاتها، ولكن يستعان بالتخريج العقلي للوصول إلى هذا الإثبات (١) .

١٥- وقد ترد العلامة بمعنى الأمارة مرادفة لها، وإن كانت في اللغة تستعمل فيما لا ينفك عن الشيء، أما الأمارة فهي التي يلزم من العلم بها الظن بوجود المدلول، كالسحاب بالنسبة للمطر فإنه يلزم من العلم بالسحاب الظن بوقوع المطر (٢) .

١٦- أما الفراسة فإنها تقوم على الاستدلال بالأمور الظاهرة على الأمور الخفية على سبيل الظن والتخمين، وتستند إلى ما يفيض الله به على عباده من نور البصيرة، وقد تعتمد على وحي الضمير والإلهام النفسي وقوة الحدس، أكثر مما تعتمد على الماديات، ومن ثم فهي لا تصلح دليلا للقضاء لأنها كما تصيب أحيانا فقد تخطئ أحيانا أخرى، ومن أمثلتها الاستدلال باتساع الجبين على الذكاء وبعرض القفا على الغباء، والقول بالرأي اعتمادا على ما يشبه الإلهام دون أن يكون هناك سند ما يظاهر هذا القول (٣) .


(١) المستشار الدكتور عوض محمد المر- المرجع السابق، ص١٤.
(٢) الدكتور محمد رأفت عثمان- المرجع السابق ص٤٤٦ والمراجع المشار إليها فيه- الدكتور حميدة السقا- في الحكم بالقرائن والفراسة والقافة وعلم القاضي- رسالة دكتوراه مقدمة لكلية الشريعة مخطوطة ومحفوظة بمكتبة كلية الشريعة، ص٨٥ وما بعدها.
(٣) الدكتور أنور محمد يوسف دبور- القرائن ودورها في الإثبات الجنائي- مرجع سابق، ص١٤- ١٥ت. - والقاضي برهان الدين إبراهيم بن على بن فرحون- تبصرة الحكام في أصول الأقضية ومنهاج الأحكام- مطبعة مصطفى الحلبي سنة (١٣٧٨هـ/ ١٩٨٥م) : (٢/٢٠٢- ٢٠٣) .

<<  <  ج: ص:  >  >>