للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وبما أن المطار الدولي اليوم الذي يهبط فيه الحجاج والمعتمرون، هو في مدينة جدة، وهي واقعة ضمن بعض المواقيت، فإن القادمين بطريق الجو إلى جدة لحج أو لعمرة يكون ميقاتهم للإحرام مدينة جدة، فلا يجوز أن يتجاوزوها إلا محرمين؛ لأنهم يصبحون عندئذ كأهل جدة، فيحرمون من حيث يحرم أهلها.

فلو أن المطار الذي يهبط فيه الحجاج والمعتمرون نقل فيما بعد إلى مكة، لأصبح القادمون جوا كأهل مكة، فيحرمون من حيث يحرم المكيون، أي أن القادم بالطائرة بوجه عام من أي جهة كان قدومه متى هبطت طائرته في آخر مكان لكي يتابع بعده السير بالطريق البري؛ يأخذ عندئذ حكم أهل ذلك المكان بشأن الإحرام.

أما القول بأن عليه أن يحرم وهو في الطائرة في الجو متى مرت الطائرة بأحد المواقيت أو حاذته، فهذا لا أرى دليلاً شرعيًا يوجبه، وهو مبني على تصور أن القدوم جوًا بالطائرة مشمول بالحديث النبوي الذي حدد المواقيت الأرضية. وهذا في نظري رأي غير سليم في فهم النصوص فهما فقهيًا كما سبق إيضاحه، علاوة على ما فيه من حرج شديد وصعوبة قد تصل إلى حد التعذر بالنظر إلى حال الطائرات العامة، ولا سيما الدرجة فيها، وهي التي تأخذها الجماهير، وضيق مقاعدها لاعتبارات تجارية، حتى إن الراكب ينزل في مقعده منها كما ينزل الأسفين في الخشب، ويعسر عليه التحرك في تناول وجبة الطعام، فضلاً عن أن يخلع ملابسه المخيطة ويرتدي الرداء والإزار، وأين في الطائرة مغتسل ومصلى ليقيم سنة الإحرام؟

<<  <  ج: ص:  >  >>