وإذا كان القادم جوًا ليس مشمولاً بتحديد المواقيت المكانية لما قد بينا، فهو إذن خاضع للاجتهاد في تحديد ميقات مكاني للقادمين منه بالوسائط الجديدة المبتكرة في عصرنا هذا، كسائر قضايا الساعة التي ليس عليها نص، فيجب أن يقرر الاجتهاد لها الحكم المناسب، وأقول الحكم المناسب، في ضوء أصول الشريعة ومقاصدها وفي طليعتها دفع الحرج.
وفي نظري أن الحكم المناسب في هذا الموضوع، والذي لا يترتب عليه حرج ولا إخلال هو أن القادمين بالطائرة اليوم لا يجب عليهم الإحرام إلا من بعد أن تهبط الطائرة بهم في البلد الذي سيسلكون بعده الطريق الأرضي، أما إذا كان ترانزيت ينزلون في بلد وهم لا يزالون يركبون الجو، فهذا أيضًا لا يشملهم متى وصلوا إلى النقطة التي ليس لهم بعدها إلا الطريق الأرضي، هنا التفصيل:
فإذا هبطت الطائرة بهم في بلد يقع خارج المواقيت يكون عندئذ ميقاتهم للإحرام هو الميقات الذي سيمرون به، أو من الموقع الذي يحاذي أحد المواقيت المحددة لمختلف الجهات، إذا كانوا لا يمرون بأحد تلك المواقيت، وهنا تأتي مسألة المحاذاة أما إذا كان المكان الذي تهبط فيه الطائرة بلدا يقع بعد أحد المواقيت المذكورة أي بينه وبين الحرم فإن ميقاته للإحرام هو ذلك البلد نفسه، فيصبح حينئذ كأهله، فلا يجوز له أن يجاوزه إلا محرمًا.