للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أقول: ومن الواضح أن مثل هذا الاعتبار يجب أن يراعى في فهم كلام الرسول صلى الله عليه وسلم، وتنزيل أحاديثه الشريفة وهي من جوامع الكلام العربي على هذا الترتيب نفسه في فهم نصوص القرآن.

ثم أفاض الشاطبي في شرحه: إن الشريعة المباركة أمية لأن أهلها كذلك، إذ لم يكن لهم معرفة بعلوم الأقدمين، وأن تنزيلها على مقتضى حال الذين نزلت عليهم من أميتهم هو الأوفق والأجرى مع رعاية المصالح التي يقصدها الشارع الحكيم.

وقد أوضح العلامة الشيخ عبد الله دراز في تعليقاته، أنه وفقًا لهذا الاعتبار ربطت الشريعة مواقيت الصلاة بالدلائل الحسية المشهودة من الزوال والغروب والشفق، مما لا يحتاج إلى علوم كونية وآلات وتقاويم فلكية.

أقول – من كلامي هذا – وواضح أن الشريعة السمحة الخالدة إذا صلحت للأميين حتى يسهل تطبيقها عليهم، صلحت لغيرهم من أهل العلوم وللناس أجمعين، ولا عكس. وهذا من أسرار آخريتها وصلوحها للخلود، ما دام لبني الإنسان وجود، فجعلت حكمة الله فيما شرع لعباده.

ثم قال الشاطبي بصدد ما تفرع عن أمية الشريعة: " إنه لا بد في فهم الشريعة من اتباع معهود الأميين، وهم العرب الذين نزل القرآن بلسانهم، فإن كان للعرب في لسانهم عرف مستمر فلا يصح العدول عنه في فهم الشريعة، وإن لم يكن ثم عرف فلا يصح أن يجرى في فهمهما على ما لا تعرفه. وهذا جار في المعاني والألفاظ والأساليب" إلى آخر ما قال. هذا كلام الشاطبي.

<<  <  ج: ص:  >  >>