ثم حدد الشاطبي دورا أساسيًّا لتوفر شرط الجزاء، وذلك في أحد أمرين:
١) أن ينص المتعاقدان على توفر شرط معين ليتم تنفيذ الاتفاق أو التعهد وفق مقتضياته، فقد يشترط أحد المتعاقدين على الآخر أن هذا العقد لن يكون ساري المفعول إلا أذا تم إجراء معين، وهو ما يعبر عنه باقتران العقد بشرط واقف، فإذا تعمد أحد المتعاقدين العمل على تخلف هذا الشرط، ترتب الجزاء على المتسبب في تعطيل التنفيذ بسبب العمل على تخلف الشرط، ليتهرب من فعل الواجب (١) ، وإليه أشار ابن السبكي والشاطبي قائلين بأن انعقاد السبب احيانًا لا يكفي لسريان المعاملة، إن كانت تم وقفها على شرط، وهذا ما يفسر كون الشارع لم يسن السبب لذاته وإنما ترتب على قصد الشارع للإيقاع أو عدمه حين ارتباطه بالشرط، وعلى الافتراض بني ما قال اللخمي فيمن تصدق بجزء ماله لتسقط عنه الزكاة، أو سافر في رمضان للإفطار، أو أخر الصلاة ليصليها قصرًا، قال فجميع هذه الحالات مكروهة، وإن كان الواجب سقط عنه، ثم إن الشرط الواقف بحكم الممارسات المتكررة، طبقت في شأنه حيل كثيرة أخرجته من الجزاء المادي وإن كان العلماء أجمعوا على أن جزاء الآخرة على الإخلال بالشرط الذي التزم به أو أوقف عليه الشارع صحة بعض التكاليف، وهذا يفهمنا بكنه التعريف الذي أطلقه الأصوليون على الشرط بكونه: وصفًا مكملًا لمشروط، سواء كان مكملًا للسبب أو للعلة، أو المسبب (المعلول) داخل فيه ملحوظ باستقلاله عن الذي توقف عليه.
وقد نستخلص من جميع المراجع التي تعاملنا معها في هذا الشأن، أن الشرط واقعة شرعية، اعترتها بعض الأحكام من جواز أو منع وأن الجواز والمنع يتعلقان بطريقة الشرط نفسه، فيعلق به الفساد أحيانًا بسبب ما حمله من شبهة إما من الربا وإما ببعض المعاملات الداخلة تحت حكم نهي الشارع: كصفقتين في بيعة واحدة، ويكون الشرط مباحًا إن أتى توثيقًا لحق أي من المتعاقدين إذا سلم من شائبة المعاملات التي نهى الشارع عنها، كأن يشترط عليه أن يدفع له مبلغًا زائدًا عن أصل الدين وهو حرام إجماعًا اعتبارًا للمدة التي تأخر فيها عن وقت الأداء، لأن هذا الشرط نوع من ربا الفائدة.