للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

النقطة الثانية التي أريد الإشارة إليها هي موضوع (صكوك الإجارة) ، وإن موضوع صكوك الإجارة موضوع مهم جداً، وإذا أصدرت هذه الصكوك بطريقة شرعية مقبولة فإنها في الواقع تفي بحاجة حقيقية للبنوك الإسلامية في إيجاد السوق الثانوية للأوراق المالية، وهو طريق مشروع يفيد الحكومات في مواجهة عجز ميزانياتها والذي يغنيها عن إصدار سندات ربوية، ولكن إصدار هذه الصكوك يجب أن يكون على أساس صكوك تمثل حصة شائعة في ملكية الأعيان المؤجرة بجميع مسؤولياتها وتبعاتها والتزاماتها وأخطارها.

أما إذا كانت الصكوك لا تمثل ملكية في الأعيان المؤجرة كما هو حاصل في كثير من الإيجارات التمويلية وإنما يستحق حاملها على حصول حصة من الأجرة فقط وليس له حصة شائعة في الملكية دون أن تكون عليه مسؤوليات الملكية في حصته الشائعة فإن ذلك في الواقع بيع للدين وهو لا يجوز، وقد صدر بحرمته قرار من المجمع الموقر في دورته السابقة الحادية عشرة في البحرين.

والنقطة الثالثة: ففي الواقع أني استفدت كثيراً من بعض البحوث التي قدمت وخاصة أنني استفدت كثيراً من البحث الذي قدمه فضيلة أخينا الحبيب الدكتور علي محيي الدين القره داغي فإنه استفاض في هذا الموضوع وجاء بطرق شتى لهذا العقد، ولكن لي بعض الملاحظات على ما ذكره فضيلته في هذا البحث وكذلك ما جاء به بعض الإخوة الآخرين الذين بحثوا هذا الموضوع في البحوث المطروحة بين أيدينا، وهي:

أولاً: إن فضيلته أجاز أن يشترط التأمين على المستأجر، وكذلك أجاز أن تشترط الصيانة على المستأجر من قبل المؤجر، وقد جاء لذلك ببعض الأدلة من النصوص الفقهية التي ذكرها الفقهاء، ولكن بالرغم من هذه النصوص، أرى أن هذه الإجارة المنتهية بالتمليك كما تجريها البنوك الإسلامية لو فتحنا هذا الباب –وهو أن يشترط التأمين على المستأجر أو تشترط الصيانة على المستأجر- فإنه لا يبقى هناك فرق كبير بين الإجارة المنتهية بالتمليك المشروعة وبين الإجارة التمويلية، لأن الفارق بينهما –كما أتصور- هو أن المؤجر في الإجارة المنتهية بالتمليك التي أجازتها الهيئات الشرعية هو أن المؤجر يتحمل جميع مسؤوليات العين المؤجرة، فإذا اشترط التأمين على المستأجر أو الصيانة على المستأجر فإن هذا يبطل هذا الفارق الكبير بين هذه التمويلات والذي يجعلها مشابهة للتمويلات الربوية، فينبغي أن يكون هناك صيانة، وتقسم الصيانة إلى قسمين: قسم تشغيلي (صيانة تشغيلية) ويمكن أن يحمله المستأجر، أما (الصيانة الجوهرية) فإنها يجب أن تكون على المؤجر ليتحمل مسؤولية الملكية وإلا لا يكون هناك أي مسؤولية على المؤجر وأنه يدفع المال فقط ويحصل على أجرة ومال بما يجعله مشابهاً للربا.

وكذلك ذكر فضيلتة البيع مع اشتراط عدم الملكية، وأجازه كبديل لهذا العقد، ولكن الواقع أنه إذا اشترط في البيع عدم انتقال الملكية للمشتري فإن هذا شرط مناقض للعقد، وقد اختلف الفقهاء في الشروط التي هي مخالفة لمقتضى العقد، ولكن لم يقل أحد –فيما أرى- جواز اشتراط شرط يناقض مقتضى العقد، فمقتضى العقد هو أن تنتقل الملكية من البائع إلى المشتري، فمتى شرطنا أنه يقع هناك بيع ولا تنتقل الملكية للمشتري فهذا مناقض صراحة لعقد البيع ولا ينبغي أن نأخذ بمثل هذه الأشياء.

<<  <  ج: ص:  >  >>