للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

القسم الثاني: المعروف في الألفاظ التقليدية هي الإجارة التمويلية، فإنها إجارة ولا تنقلب إلى البيع بصفة تلقائية في آخر مدتها ولكن يتق الطرفان بأن العين المؤجرة تباع للمستأجر بثمن رمزي، وإن هذا الشرط موجود في صلب عقد الإجارة وإن هذا القسم أيضاً لا يجوز في نظري لأسباب، وهي:

الأول: أن البيع بثمن رمزي مشروط في صلب عقد الإجارة فتكون عقداً في عقد، ولا يجوز ذلك في قول أكثر الفقهاء.

الثاني: أن البيع بثمن رمزي بيع صورة وبعيدة عن الحقيقة.

الثالث: أنه إجارة صورية لأن المؤجر يبرئ نفسه من جميع تبعات الملكية ومن الهلاك والنقصان وما إلى ذلك، وإنهم يحسبون الأجرة من حين دفعهم للمال لشراء العين سواء تسلمه المستأجر أو لم يتسلمه، وتستمر الأجرة حتى في مدة بطالة العين بحيث لم تبق له منفعة، ففي الواقع إنه حيلة، بمعنى أنه ذكر اسم الإجارة للهروب والفرار من الضرائب، وفي حقيقتها هي تمويل على أساس الفائدة.

هذا بالنسبة للإجارة المنتهية بالتمليك كما هو معروف في الأعراف المدنية التقليدية.

أما الإجارة المنتهية بالتمليك التي أجازتها كثير من الندوات الفقهية وعدة هيئات للرقابة الشرعية في البنوك الإسلامية فإن هذه الإجارة ليست عين البيع الإيجاري أو التأجير التمويلي الذي هو معروف في القوانين الوضعية وإنما قبلته هذه الندوات أو الهيئات باستبعاد ما هو معارض للمبادئ الشرعية الفقهية حتى غيره بعضهم وغير اسمه من الإجارة المنتهية بالتمليك إلى إجارة واقتناء، ويتميز هذا العقد من البيع الإيجاري التقليدي ومن الإجارة التمويلية المعروفة بفروق كثيرة، وهي:

-الفرق الأول: أن عقد الإجارة يكون خالياً من أي شرط أو التزام بالبيع في نهاية مدة الإجارة.

-الثاني: التمليك إنما يقع بوعد منفصل عن العقد إما بهبة أو بيع، فالإجارة إجارة بحتة، ويتحمل فيه المؤجر جميع مسؤوليات الملكية طوال مدة الإجارة من تبعة الهلاك، ومسؤولية الصيانة، والتأمين إن حصل عليه بطريق شرعي مقبول، ولا يتحمل المستأجر الأجرة إلا للمدة التي تسلم فيها المبيع فعلاً وهي صالحة للانتفاع، ولا تجب عليه الأجرة في المدة التي لم يتسلم فيها العين المؤجرة ولا في الزمن الذي اعترض العين المبيعة خلل جوهري أوقف منفعتها للمستأجر بغير تعد منه أو تقصير حتى يرمم على نفقة المؤجر وتصلح للانتفاع مرة أخرى.

وإن جميع هذه الأحكام لا تطبق في الإجارة التمويلية التقليدية، فالفوارق بين الإجارة التمويلية التقليدية وبين الإجارة المنتهية بالتمليك الذي أجازته الهيئات الشرعية والندوات والذي قد يسمى إجارة واقتناء بينهما فوارق جوهرية يتغير بها الحكم وليس فيها محذور شرعي، ولذلك صدر فيه قرار لمجمعنا الموقر في دورته الثالثة بجوازه إذا كانت مع الإجارة وعد منفصل بالهبة.

<<  <  ج: ص:  >  >>