للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هناك أمور جزئية أخرى قد تعرض لها الباحثون ولكني أرى أن المقصود المهم في هذه الجلسة هو الحكم على جواز أو عدم جواز الإجارة المنتهية بالتمليك كما أجازته بعض الهيئات، فإذا توصلنا إلى هذا يمكن أن نتطرق إلى تلك الجزئيات، وليس هذا موضع بسطها والتعليق عليها.

هذا ما كنت أريد أن أعلق به على هذه البحوث، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

الشيخ عبد السلام العبادي:

بسم الله الرحمن الرحيم.

تعليقي ينصب على ثلاثة محاور:

المحور الأول: يجب أن نميز بين أنواع الإجارة المنتهية بالتمليك، كما أشار الإخوة الباحثون وفضيلة الشيخ محمد تقي العثماني.

فيما يتعلق بالإجارة المنتهية بالتمليك التي تستخدم كوسيلة من وسائل التمويل في البنوك الإسلامية، هذه قضية عالجها المجمع بشكل واضح في قراره في الدورة الثالثة –كما أذكر- التي عقدت في عمان عندما نظر في معاملات البنك الإسلامي للتنمية، وكان القرار واضحاً في إجازة هذه الصورة، قد يقول البعض: إنها كانت إجازة متعلقة بأعمال البنك الإسلامي للتنمية، لكن واضح أن القضية لا علاقة لها بذات البنك الإسلامي للتنمية إنما هي كأداة تمويل إسلامي.

أهم ما يجب أن ينتبه إليه في إقرار هذه الصيغة حتى عندما أقرها المجمع في دورته المشار إليها هو الحرص على ألا تنقلب هذه الوسيلة من وسائل التمويل إلى وسيلة تمويل ربوي، بمعنى أن توضع الشروط والضوابط والأسس التي تضمن أن تكون وسيلة تمويل قائمة على قدر من المخاطرة تمارسها الجهة التمويلية بحيث من المحتمل أن تتعرض للخسارة في هذا التمويل وليس مبلغاً مقروضاً أو معطى للجهة الراغبة في التمويل بحيث يعود رأس المال وفوائده لهذه الجهة، لأن عملية الحساب للأقساط يلحظ فيها البنك في حسبته لاسترداد رأس المال مضافاً إليها أرباحه، فإذا كان الأمر قد رتب بطريقة لا تكون عليه أي مسؤولية فهذا يعني أنه أقرض مبلغاً من المال واسترده بزيادة على رأس المال مما هو عين الربا، ولذلك كان هنالك حرص في معالجة هذه القضية على ضمان استمرار ملكية الجهة الممولة للادوات المؤجرة طيلة فترة التأجير وهذا يعني تحمل الجهة الممولة لنفقات الإصلاح، نعم قد تستثنى عمليات الإصلاح والصيانة التشغيلية لكن صيانة الأصول والمحافظة على أعيانها وإبقائها صالحة للاستئجار هذه مسؤولية المؤجر.

فإذا في اللحظة التي لم نوفر ذلك سينقلب الأمر إلى عملية قرض ربوي دون أي نقاش بصرف النظر عن التسميات المطلقة، وهذا أيضاً يقود إلى قضية في غاية الأهمية وهي قضية الهلاك، يعني إذا هلكت هذه الأعيان يجب أن تهلك على حساب المؤجر (الجهة التمويلية) ، وهذا هو العنصر الذي كان أساس إجازة هذه الصيغة باعتبار أنها صيغة قائمة على التمويل غير الربوي وقائمة على أن الجهة الممولة تتحمل المسؤولية والمخاطرة في هذه الصيغة المقدمة، وكان هذا هو أساس الإجازة كصيغة مستحدثة للتمويل الإسلامي المعاصر، ومن هنا كان الموضوع موضوع إعطاء مبلغ من المال يوكل به المستأجر أو هو يقوم بذلك بشراء العين المؤجرة، فالقضية تبدأ بإعطاء مبلغ من المال يتفق عليه أثناء المراوضة كما عبر أستاذنا، وبالتالي واضح أن القضية قضية قرض إذا لم نضع من الضمانات ما يحوله إلى تمويل إسلامي يقوم على المخاطرة واحتمالات التعرض للخسارة.

<<  <  ج: ص:  >  >>