للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولعل مما يدعم الأخذ بالرخص ما لم يمنع مانع شرعى ما جرى على ألسنة السلف الصالح لهذه الأمة، وتغنى به خلفها، وهو: أن خلاف الفقهاء رحمة؛ لأنه من تيسير الله على العباد، وأوضح ذلك القاسم بن محمد فقال: " لقد نفع الله باختلاف أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم في أعمالهم، لا يعمل العامل بعمل رجل منهم إلا رأى أنه في سعة، ورأى أن خيرا منه قد عمله "، وعنه أيضًا: " أي ذلك أخذت به لم يكن في نفسك منه شيء "، ومثله مروي عن عمر بن عبد العزيز: " ما يسرني أن لي باختلافهم حمر النعم "، قال القاسم: " لقد أعجبني قول عمر ابن عبد العزيز: " ما أحب أن أصحاب رسول الله لم يختلفوا " (١) .

وعلل ذلك شيخ الإسلام المالكي محمد العزيز جعيط بقوله: " لأنه لو كان قولا واحدا كان الناس في ضيق، وأنهم أئمة يقتدى بهم، فلو أخذ أحد بقول رجل منهم كان في سعة " (٢) .

وهذا على رأي من يرى تخيير العامي في العمل بآراء المجتهدين، والمسألة ذات خلاف، ولكن من تيسير مواكبة الشريعة الإسلامية لقافلة الحياة الإسلامية المعاصرة في غيبة الاجتهاد أن نعمل بهذا الرأي.


(١) محمد العزيز جعيط. مجالس العرفان ومواهب الرحمان: ١/١١١-١١٢.
(٢) المرجع السابق.

<<  <  ج: ص:  >  >>