للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال ابن العربي في الرد على القول بأفضلية الإحرام من دويرة الأهل: فإنها مشقة رفعها الشرع وهدمتها السنة بما وقت النبي صلى الله عليه وسلم من المواقيت (١) . فإن وجدت المشقة جاز القياس، ورجعت المشقة كما فعل عمر في توقيت ذات عرق باجتهاده؛ دفعا للمشقة الحاصلة لأهل العراق إذا أحرموا من قرن وهو جور عليهم، وأما القصد إلى الاحتياط بالزيادة فهو من الزيادة على المقدرات الشرعية، ومزلفة نحو هاوية الفتنة إن نوى حصول فضل زائد عن صاحب الشرع صلى الله عليه وسلم ((وخير ديننا أيسره)) الحديث (٢) أو كما قال صلوات الله وسلامه عليه.

٣- تتبع الرخص: يبدو لى أن من أفضل الطرق لمعالجة المشاكل المستجدة التي حدثت حصيلة التقدم الحضاري والتقني أن نأخذ برخص المذاهب الفقهية، خصوصا ونحن نعاني فقدان المجتهد في حاضرنا الإسلامي، إذا لم يمنع من ذلك مانع شرعي، بأن نأخذ من كل مذهب بما هو الأهون والأسهل، في أمور ديننا عبادات ومعاملات، قال الكمال بن الهمام في تحريره: " ولا يمنع منه (تتبع الرخص) مانع شرعي، إذا للإنسان أن يسلك الأخف عليه إذا كان له إليه سبيل، وكان عليه الصلاة والسلام يحب ما خف على أمته " (٣) وعلل محمد العزيز جعيط شيخ الإسلام المالكي بالديار التونسية سابقا جوازَ تتبع الرخص فقال: " لأنه نوع من اللطف بالعباد، والشريعة لم ترد بقصد مشاق العباد، بل تحصيل الصالح، كالطبيب يريد بالدواء شفاء المريض لا إيذاءه، وإن لزم من ذلك الإيذاء، والمسألة ذات خلاف. وممن مال إلى القول بالجواز عز الدين بن عبد السلام، والشهاب القرافى والكمال بن الهمام " (٤) .


(١) ابن العربي أحكام القرآن: ١/١١٨.
(٢) حديث الخطيب البغدادي الفقه والمتفقه: ٢/٢٤
(٣) محمد بخيت المطيعى. سلم الوصول لشرح نهاية السول: ٤/٦٢٦.
(٤) مجالس العرفان ومواهب الرحمان: ١/١١٤- ١١٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>