للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وليس هذا الخطأ في تفسير هذه الكلمة " محاذاة " مقصورًا على من ذُكر، وإنما نبهت عليهم بالخصوص لتداول كتبهم بين المشتغلين بدراسة الفقه الإسلامي من خلال مذهب أمام دار الهجرة رضي الله عنه.

٣- المذهب الشافعي: من سلك طريقا لا يؤدي إلى ميقات من المواقيت المذكورة، أحرم بالنسك حين يحاذي ميقاتا منها، قال الشيرازي: قد اجتهد عمر في ميقات أهل العراق واعتبر المحاذاة (١) ، قال النووي: وهذا الذي ذكره المصنف نص عليه الشافعي واتفق عليه الأصحاب.

وسبيل معرفة أنه حاذى ميقاتا سؤالُ ذوي الخبرة إن وُجدوا وإلا تحرى مريد النسك، واستظهر حتى يتيقن أنها حاذى الميقات أو فوقه استحبابا عند جمهور فقهاء الشافعية، ووجوبا عند القاضى أبي الطيب منهم، والمذهب ما عليه الجمهور (٢) .

فإن حاذى ميقاتين أحرم من محاذاة أقربهما إليه.

فإن استويا في القرب أحرم من محاذاة أبعدهما من مكة.

وإن لم يحاذ ميقاتا أحرم على مرحلتين من مكة (٣) .

هذا وقد فسر فقهاء الشافعية الذين رجعتُ إلى كتبهم كلمة محاذاة تعبيرا صحيحا. ومنهم شيخ الإسلام زكريا الأنصارى الذي يفسر المحاذاة بالمسامتة بيمينه أو يساره (٤) ، ويضيف إليه سليمان الجمل تكميلاً فيقول: لا بظهره ولا بوجهه؛ لأن الأول وراءه والثانى أمامه (٥) .

٤- المذهب الحنبلي: من سلك طريقا لا يمر بميقات من المواقيت المذكورة، أو عرج عن الميقات، بأن مشى في طريق لا تمر عليه أحرم إذا حاذى أقرب المواقيت لقول عمر رضي الله عنه لأهل العراق: " انظروا حذوها من طريقكم ". فحد لهم ذات عرق، وسبيل معرفة المحاذاة الاجتهاد والتقدير كالقبلة.

وإن جهلت المحاذاة يستحب الاحتياط، فإن الإحرام قبل الميقات مكروه وتأخيره عنه حرام (٦) .

هذا وإن تساوى الميقات في القرب إلى طريقه أحرم من حذو أبعدهما عن مكة من طريقة، وأطلق الآجري فقال: من خرج عن المواقيت يحرم إذا حاذى (٧) .


(١) المهذب مع المجموع: ٧/١٩٨. بتصرف.
(٢) المجموع: ٧/١٩٨.
(٣) إبراهيم البيجوري، حاشية على شرح ابن قاسم الغزي على متن أبي شجاع: ١/٣٨٨.
(٤) المنهج وشرحه له: ٢/٤٠٤.
(٥) حاشيته على شرح المنهج: ٢/٤٠٤.
(٦) البهوتي. كشاف القناه عن متن الإقناع: ٢/٤٠٢.
(٧) المرداوي. الإنصاف: ٣/٤٢٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>