للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٢- المذهب المالكي: ليس هنالك اتفاق داخل المذهب في خصوص هذه المسألة بل اختلفت الأنظار فيها على النحو التالي:

١- حيث حاذى أحد المواقيت المذكورة أحرم ببر أو ببحر، سواء كان البحر محاذيا للميقات كبحر السويس بالنسبة للجحفة، محاذاة قريبة، أو محاذاة بعيدة كبحر عيذاب بالنسبة لها، ولا يؤخره إلى البر، فإن أخر لزمه دم، قال خليل: " وحيث حاذى واحدا ولو ببحر " (١) وقال الخرشي معقبا على قوله: " ولو ببحر " يعني أن من سافر في البحر، فإنه يحرم إذا حاذى الميقات، ولا يؤخر إلى البر، ظاهره سواء كان ببحر القلزم أو ببحر عيذاب على ظاهر المذهب.

بقي إذا كان محاذيا في البر لأحد المواقيت المذكورة، وكان منزله قريبا من الميقات، فالأفضل الذهاب إليه، والإحرام منه (٢) .

٢- يفصل وهو لسند بن عنان، ويقوم تفصيله على تقييده لإطلاق قول مالك الذي أورده ابن أبي زيد في النوادر نقلا عن محمد بن المواز والذي يقول فيه مالك: " ومن حج في البحر من أهل مصر وشبههم إذا حاذى الجحفة ".

وتقييده لقول مالك هذا هو التالي: من أتى بحر عيذاب حيث لا يساحل البر، فلا يجب عليه الإحرام في البحر إلى أن يصل إلى البر، إلا أن يخرج على بر أبعد من ميقات أهل الشام، وأهل اليمن، ولا يلزمه بتأخير الإحرام هدي.

وأما أن أتي بحر القلزم حيث يساحل البر، فالإحرام عليه في البحر واجب، لكن يرخص له التأخير إلى البر ويلزمه أن يهريق دما.

وبنى سند هذه التفرقة بين من في اللجة كالمسافر في بحر عيذاب، وبين من يساحل كالمسافر في بحر القلزم، على أساس أن الأول لو أحرم في البحر وهو في اللجة ولا يساحل الميقات ففى ذلك خطر خوفا من أن ترده الريح فيبقى محرما، ويطول إحرامه، حتى يتسنى له أن يقلع إقلاعا سالما، وفي ذلك أعظم الحرج المنفي من الدين.

وإذا ثبت جواز تأخير الإحرام بالنسبة له إلى البر فلا يلزمه دم، حتى يقوم دليل على اللزوم، ولا دليل.

وأما الثاني فإنه قادر على الإحرام من البر، حيث يمكنه النزول إلى البر والإحرام منه، لكن فيه مضرة بمفارقة رحله، فيجوز له تأخير الإحرام إلى البر للمضرة وعليه دم، كما يجوز استباحة ممنوعات الإحرام للضرورة مع لزوم الفدية.


(١) المختصر: ٦٦.
(٢) شرحه الصغير على المختصر: ٢/٣٠٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>