للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وبعد عرضنا لنصوص بعض المعاجم الأساسية فيما يتعلق بمعنى المحاذاة يتضح لنا أنها تعنى: الازاء، والجانب ميامنة، أو مياسرة مع المماثلة والمساواة.

بقي هل يشترط في المذهب النعماني أن تكون المحاذاة قريبة؟

قال الحصكفي: " وأحرم إذا حاذاه أحدها " (١) ، وقال صاحب البدائع: " إذا قصدها (أي مكة المكرمة) من طريق غير مسلوك فإنه يحرم إذا بلغ موضعا يحاذي ميقاتا من هذه المواقيت " (٢) .

وقال عبد الغني الغنيمي الدمشقي الحنفي من علماء القرن الثالث في مصنفه: " اللباب في شرح الكتاب ": وإن لم يمر بميقات، تحرى وأحرم إذا حاذى أحدها " (٣) ، و (أحد) في عبارة صاحب الدر وصاحب اللباب نكرة في سياق الشرط، والنكرة في سياق الشرط تفيد العموم، صرح به إمام الحرمين في البرهان، وتابعه عليه الأنبارى في شرحه له، واقتضاه كلام الآمدى وابن الحاجب (٤) ، وكذلك " موضعا " في عبارة صاحب البدائع، وإذا قلنا بإفادة (أحد) وموضوع العموم اتضح عدم اشتراط القرب في المحاذاة، فقول ابن نجيم في البحر: " ولعل مرادهم بالمحاذاة المحاذاة القريبة من الميقات " يتنافى وما يفهم من عبارات فقهاء الأحناف مثل التي ذكرنا المفيدة للعموم، هذا أولا، وثانيا: رده أخوه عمر بن نجيم في النهر بقوله: " من لم يمر على المواقيت يحرم إذا حاذى آخرها قربت المحاذاة أو بعدت " (٥) .


(١) الدر المختار: ٢/١٥٤.
(٢) الكاساني: ٢/١٦٤.
(٣) اللباب: ٢/١٧٠.
(٤) عبد الرحيم الإسنوي. التمهيد في تخريج الفروع على الأصول: ٣١٨.
(٥) ابن عابدين. حاشيته على البحر الرائق: ٢/٢٤٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>