للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ووجه التقدير عند جهل المحاذاة بالمرحلتين أن ذلك أوسط المسافات،، وإلا فالاحتياط الزيادة (١) .

بقي مما ينبغي التنبيه إليه في هذه المسألة الأخيرة قول ابن نجيم في البحر: " فإذا لم يكن بحيث يحاذي " (٢) إلخ، فليس بصواب لأن المواقيت محيطة بالحرم كما أسلفت ففي أي جهة كان حاذى، وكذلك قول الحصكفي في الدر المختار: " فإن لم يكن بحيث يحاذي " (٣) ، وإن اختلف التعبير بينهما فصاحب البحر عبر بـ (إذ) المفيدة لليقين، وصاحب الدب بـ (إن) المفيدة للشك.

وسبب هذا الخطأ عدم المعرفة بجغرافية الحرم المكي الشريف وما حوله.

هذا ولم يعرض ابن نجيم في البحر، ولا الحصكفي في الدر، ولا ابن عابدين في حاشيته عليهما لمعنى المحاذاة الدقيق، فطلبتها من مكانها الأصلي وهو معاجم اللغة العربية، فوجدت الزمخشري في الأساس يقول: " حذى لي النَّعّال نعلا: قطعها على مثال، وحذوت النعل بالنعل: قطعتها مماثلة " (٤) والمماثلة تعني المشابهة والمساواة، وجاء فيه أيضًا: " ومثله به، وتمثل به، تشبه به ومثل الشيء بالشيء: سوي به، وقدر تقديره " (٥) ، ووجدت الفيروز آبادي يقول: " حاذاه: آزاه، والحذاء: الإزاء، ويقال: هو حذاءك، وحذوتك، وحذتك، بكسرهن، ومحاذاك، وداري حذوه داره، وحذتها، وحذتها بالفتح مرفوعا ومنصوبا: إزاؤها " (٦) ، والإزاء هنا يفسره صاحب القاموس بقوله: " وهم إزاؤهم: أقرانهم وأزى الشيء: حاذاه، وحاره " (٧) ، " والحرا، والحراة: الناحية " (٨) ، ويزيد ابن منظور المعنى وضوحا فيقول: " وجاء الرجلان حذيتين: أي كل واحد منهما إلى جنب صاحبه، وجاء الرجلان حذتين: أي جميعا، كل واحد منهما إلى جنب صاحبه " (٩) .


(١) ابن عابدين، رد المحتار: ٢/١٥٤.
(٢) البحر: ٢/٢٤١.
(٣) الحصكفي: ٢/١٥٤.
(٤) الزمخشري: ٧٨.
(٥) الزمخشري: ٤٢٠.
(٦) القاموس المحيط: ٤/٣١٧.
(٧) القاموس: ٤/٣٠١.
(٨) المرجع السابق: ٤/٣١٨.
(٩) اللسان: ٥٩/١٧١.

<<  <  ج: ص:  >  >>