للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأما مذهب المالكية: فمن أتي الميقات لا يريد نسكا، ولا دخول مكة، وإنما حاجته دونها أنه كان غير ضرورة، أو ضرورة ولا يستطيع، لم يلزمه إحرام، فإن كان مستطيعا ففي لزوم الإحرام له قولان، سببهما: هل الحج واجب على الفور أو على التراخي؟ (١) ؟

وأما من أتى الميقات لا يريد نسكا ويريد دخول مكة فإن دخلها لقتال بوجه جائز، أو تكرر كالحطابين وأصحاب الفواكه، وغيرهم ممن قرب إلى مكة، فكل هؤلاء يجوز أن يدخلوها حلالا، والاستحباب أن يأتى أول مرة محرما، فإذا تكرر منه ذلك لم يكن في ذلك شيء.

وأما أن دخلها لتجارة وما شاكلها مما لا يتكرر من الحاجات، فذكر ابن القصار عن مالك رحمة الله أنه استحب أن يدخل مكة حراما والى هذا يرجع قوله في المدونة، وإن فعل فلا شيء عليه، وذكر عبد الوهاب عنه أنه قال: عليه الدم وأرى أن الإحرام واجب عليه (٢) .

وأما مذهب الشافعية: فقال النووي رضي الله تعالى عنه: من أتى الميقات لا يريد نسكا فلا يلزمه الإحرام لدخول مكة على الصحيح من مذهبنا سواء دخل لحاجة تتكرر كحطاب وحشاش وصياد ونحوهم، أو لا تتكرر كتجارة وزيادة ونحوهما.

وللشافعى قول ضعيف إنه يجب الإحرام بحج أو عمرة إن دخل مكة أو غيرها لما لا يتكرر (٣) بشرط أن لا يدخل لقتال، ولا خائفا من ظهوره وبروزه (٤) .

وأما مذهب الحنابلة: فمن أتى الميقات لا يريد نسكا، ولا دخول مكة ولا الحرم بصفة عامة، لم يلزمه إحرام؛ لأنه صلى الله عليه وسلم وأصحابه أتوا بدرا مرتين، وكانوا يسافرون للجهاد، فيمرون بذي الحليفة بغير إحرام.

وأما إن أتى الميقات لا يريد نسكا، ويريد دخول مكة، فإن فعلها لقتال مباح، أو خوف، أو حاجة متكررة، ومكي يتردد إلى قريته بالحل، جاز للجميع دخولها بغير إحرام.


(١) الأبي إكمال المعلم: ٣/٢٩٨.
(٢) أبو الحسن الصغير. تقييده على المدونة (تهذيب البرادعي) : ١/٩٩ وجها – ١٥٥ ظهرا.
(٣) شرحه على صحيح مسلم: ٥/٢٠٠.
(٤) المرجع السابق: ٥/١٨٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>