للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأدلة ذلك دخوله صلى الله عليه وسلم يوم فتح مكة وعلى رأسه المغفر، ولم يُنقل عنه، ولا عن أحد من أصحابه الإحرام يومئذ، وألحق الخوف بالقتال المباح، هذا بالنسبة للقتال المباح والخوف، وأما بالنسبة لذوي الحاجات المتكررة فما رواه حرب عن ابن عباس: " لا يدخل إنسان مكة إلا محرما، إلا الحمالين والحطابين، وأصحاب منافعها " احتج به أحمد، وأما بالنسبة للمكي المتردد إلى قريته بالحل، فلنفي الحرج الذي هو أصل من أصول الدين الحنيف هذا أولا، وثانيا: قال ابن عقيل: وكتحية المسجد في حق قيمه للمشقة (١) .

والذي يظهر لى أن المذهب الصحيح عند الشافعية هو القوي وذلك لأمور:

١- ما رواه البخاري عن ابن عباس رضي الله عنهما: ((هن لهن ولكل آت عليهن من غيرهم ممن أراد الحج والعمرة)) مفهومه أن من أتى المواقيت لا يريد حجا ولا عمرة لا إحرام عليه، وهو مفهوم عام.

٢- ما رواه مالك عن نافع، أن عبد الله بن عمر أقبل من مكة حتى إذا كان بقديد جاءه خبر من المدينة، فرجع فدخل مكة بغير إحرام (٢) .

٣- لما يلزم على الأقوال الأخرى من إيجاب حج غير واجب، أو عمرة غير واجبة.

٤- دخلها صلى الله عليه وسلم يوم الفتح وعلى رأسه المغفر وهو غير محرم (٣) .

هذا ولو لم يأت أي دليل وقعت الكفاية بأنه لم يأت بإيجاب الإحرام على من قصدها لغير حج أو عمرة، والله أعلم.

النقطة التاسعة

إحرام من لم يمر بالمواقيت

المواقيت التي وَقّتها رسول الله صلى الله عليه وسلم محيطة بالحرم المكي الشريف، وإن اختلفت قربا وبعدا، فذو الحليفة شامية ويلملم يمانية، والجحفة غربية، وقرن شرقية، وذات عرق حذوها.

إذا علمنا هذا، فمن سلك طريقا لا يمر فيه بميقات من المواقيت فمن أين يحرم؟ الجواب عن هذا السؤال أسٌّ متين من أسس هذا البحث: " الإحرام من جدة لركاب الطائرات في الفقه الإسلامي "، وقد تجانست فيه المذاهب أصلا، واختلفت تجزئة وتفصيلا، ونذكر اجتهادات المذاهب في هذه النقطة من نقاط هذا البحث كالتالي فنقول:


(١) البهوتى. كشاف القناع عن متن الإقناع: ٢/٤٠٣.
(٢) الموطأ مع شرح الزرقاني. كتاب الحج، جامع الحج: ٢/٣٩٨.
(٣) إشارة إلى الحديث المروي عن مالك، والذي انفرد به ولم يروه أحد عن الزهري سواه (الموطأ مع شرح الزرقاني انظر الشرح: ٢/٣٩٧) .

<<  <  ج: ص:  >  >>