للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال الحنفية: سقط عنه ذلك الدم؛ لوجوب القضاء عليه، فينجبر ذلك كله بالقضاء (١) ، وبهذا القول الثوري (٢) .

وقال المالكية: لا يسقط عنه الدم لتماديه على إحرامه، قال بعض: ولا أعلم فيه خلافا كما هو ظاهر كلام خليل في مختصره (٣) ، وبقول المالكية قال الشافعي وإسحاق وأبو ثور وابن المنذر (٤) .

ودليل الحنفية قياسه على من سها في صلاته ثم أفسدها فقضاها، أنه لا يجب عليه سجود السهو، وكذلك إذا أفسد حجه لزمه القضاء، وليس عليه دم (٥) .

ودليل الجمهور أن الدم واجب عليه بموجب هذا الإحرام، فلم يسقط بوجوب القضاء كبقية المناسك وكجزاء الصيد (٦) .

ومن جاوز الميقات من مريدي النسك غير محرم، فخشي فوات الحج أحرم من موضعه، قال ابن قدامة: لا نعلم في ذلك خلافا، إلا أنه روي عن سعيد بن جبير: " من ترك الميقات فلا حج له " وما عليه الجمهور أولى، فإنه لو كان من أركان الحج، لم يختلف باختلاف الناس والأماكن كالوقوف والطواف.

وإذا أحرم من موضعه بعد الميقات فعلية دم، لا نعلم في ذلك خلافا عند من أوجب الإحرام من الميقات؛ لقوله عليه الصلاة والسلام: ((من ترك نسكا فعليه دم)) .

وإنما أبيح له الإحرام من موضعه بعد الميقات من اجل إدراك الحج، فإن مراعاة ذلك أولى من مراعاة واجب فيه مع فواته.

ومن لم يمكنه الرجوع لعدم الرفقة، أو الخوف من عدو أو لص أو مرض أو لا يعرف الطريق ونحو هذا مما يمنع الرجوع، فهو كخائف الفوات يحرم من موضعه بعد الميقات وعليه دم (٧) .

بقي لابد من بيان أن ما قرر من الأحكام السابقة إنما هو في حق من خوطب بالحج.


(١) راجع بدائع الكاسانى: ٢/١٦٥.
(٢) ابن قدامة. المغني: ٣/٢٦٧.
(٣) عبد الباقى الزرقاني. شرحه على مختصر خليل: ٢/٢٥٥.
(٤) راجع مغني ابن قدامة: ٣/٢٦٧.
(٥) الكاساني. البدائع: ٢/١٦٥.
(٦) ابن قدامة. المرجع السابق.
(٧) ابن قدامة. المرجع السابق: ٣/٢٧٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>