للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهذا هو المذهب، وجزم به في المغني ابن قدامة، وفي الفروع ابن مفلح وغيرهما.

وفي رواية عن الإمام أحمد: يسقط الدم إن رجع إلى الميقات (١) .

٥-وعن. عطاء والحسن والنخعي: لا شيء على من ترك الميقات بدون إحرام.

٦- وعند سعيد بن جبير رضي الله عنه: لا حج لمن ترك الميقات.

ودليل الجمهور ما روي عن ابن عباس رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((من ترك نسكا فعليه دم)) روي موقوفا ومرفوعا هذا أولا، وثانيا: أحرم دون ميقاته فاستقر عليه الدم، كما لو لم يرجع، أو كما لو طاف عند الشافعي، أو كما لو لم يلب عند أبي حنيفة؛ ولأنه ترك الإحرام من ميقاته فلزمه الدم، ولأن الدم ترتب على تركه الإحرام من الميقات فلا يسقط عنه برجوعه إلى الميقات ولا بتلبيته (٢) .

ودليل أبي حنيفة أنه استدرك ما فاته بالرجوع ملبيا، وتحمل ما نقصه هذا أولا، وثانيا: ما روي عن ابن عباس أنه قال للذى أحرم بعد الميقات: أرجع إلى الميقات فلب وإلا فلا حج (٣) .

وذكر ابن العربي وجها لمن أسقط على المتجاوز الميقات والمحرم بعده الدم وقال: وجه من قال: لا دم عليه، أنه لم يخل بعمل وإنما أخره، والدم إنما يجب على من ترك شيئا وأسقطه (٤) .

ولم يظهر لي مدرك قول سعيد بن جبير.

بقي أنه لابد من التنبيه على الفرق بين مريد النسك الذي ترك الميقات، ثم عاد إليه ولم يحرم وأحرم منه، وبين مريد النسك الذي ترك الميقات وأحرم بعده، ثم عاد إليه، فالأول لم يترك الإحرام ولم يهتكه، والثاني ترك الإحرام منه وهتك حرمته (٥) .

وإذا لم يعد إلى الميقات وأفسد إحرامه بالجماع قبل طواف العمرة، إن كان إحرامه بعمرة، أو قبل الوقوف بعرفه إن كان إحرامه بحج، أو بعبارة أشمل أفسد المحرم من دون الميقات نسكه، فهل يسقط عنه الدم؟


(١) المرداوي. الإنصاف: ٣/٤٢٩.
(٢) ابن قدامة. المغني: ٣/٢٦٧.
(٣) الكاساني. البدائع: ٢/١٦٥.
(٤) عارضة الأحوذي: ٣/٥٢.
(٥) ابن قدامة: المرجع السابق.

<<  <  ج: ص:  >  >>