للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هذا التوجه العالمي في ميدان الاقتصاد خلق شيئين، خلق سباقًا في مجال التسلح وخلق سباقًا في مجال المضاربة، بسببهما طبعًا اتجه العالم إلى إشباع رغبتين، وهما: إشباع الطموحات العسكرية وإشباع الطموحات الفردية في جمع الثروة.

الجدير بالذكر أن هذا التخلخل الاقتصادي ليس وليد أحداث طارئة وإنما هو من طبيعة النظام الرأسمالي ومولود معه، ولقد أحس به اقتصاديو العالم بانهيار الأسس النقدية التقى مندوبو أربع وأربعين دولة في مدينة برتن وودز بيهونشاير في أمريكا ليحاولوا الوصول إلى قواعد نقدية عادلة، ومن أهم الأوراق التي لفتت نظري وتم تداولها في ذلك ورقة اللورد (كنز) ، والتي استهدفت خلق طابع للنظام الاقتصادي العالمي يتميز بالمعالجة الفنية ويبتعد عن السلوك المضاربي، ويحد من هيمنة السياسة على الاقتصاد، وأظهره بشكل أنه يفي بخلق التوازن بين عملات الدول، ولكن نظرًا لهيمنة قوى معينة لم يخرج المؤتمر بنظام اقتصادي متوازن مما أدى إلى انسحاب الاتحاد السوفيتي، وتمخض المؤتمر عن ميلاد صندوق النقد الدولي الذي خلق أساسًا كأداة خادمة لمصالح الدول الرأسمالية.

منذ عام ١٩٤٥ واقتصاديات العالم تستهلك بشدة في المضاربات وفي خلق الآليات العسكرية، ونتيجة لعدم وجود قاعدة نقدية عادلة في ظل نظام اقتصادي عالمي متكافئ تمخضت جميع الحركات التحررية عن نتائج اقتصادية سلبية للبلدان المتحررة. والملفت للنظر أنه عندما اقتضت مصلحة أمريكا الخروج على القواعد المتفق عليها والتي ذكرتها آنفًا لم تتردد في ذلك، فمثلاً في ١٥/٨/١٩٧١م وبدون ترتيب مسبق مع أي جهة في العالم بما في ذلك صندوق النقد الدولي أعلن نيكسون منفردًا ومن طرف واحد إيقاف قابلية تحويل الدولار إلى الذهب، فانهارت بذلك مداولات (برتن ووردز) من أركانها. وبالنتيجة فإن هذا الخلل الاقتصادي أدى إلى ظهور مشاكل اقتصادية متعددة في العالم مثل: المضاربات، التضخم، البطالة السابق في تخفيض العملات، الاهتزاز الواضح للشعوب الضعيفة، وكلها يعود بحكم سيطرة عملة تداول عالمية واحدة للدولة الأقوى.

هذه الصور المعتمة لاقتصاديات العالم تجعلنا نفكر في وضع نوع من المعايير للاقتصاد العالمي الذي ننشده.

ماذا نريد نحن من الاقتصاد؟

الإخوان طبعًا تحدثوا عن تثبيت العملة بالدولار مثلاً أو بأي عملة أخرى، هذا التحديد لدينا مثل نضربه لأن تايلاند مثلاً ربطت عملتها بالدولار وانهار هذا الارتباط في يوم وليلة وبدلاً من خمسة لدولار إلى عملتهم أصبح الآن خمسين، فهذه المعالجات معالجات وقتية في الحقيقة ولها تأثير ضعيف في الاقتصاد وهي مجرد تهدئة للأوضاع. نحن نريد معالجات أوسع من هذا:

١- نريد وضع نظام اقتصادي بضوابط ومعايير لتداول العملة يحترمها الجميع وتحقق المصلحة العالمية وتحد من أدوات الجاذبية لاقتناء العملة، أو التحول من عملة إلى عملة أخرى بآلية واحدة وهي الآلية الموجودة حاليًّا وهي سعر الفائدة.

٢- نريد الحد من الهيمنة السياسة على الاقتصاد.

٣- نريد تحقيق معدل نمو أفضل.

٤- نريد عدالة اجتماعية وتوزيعًا عادلاً للثروة.

٥- نريد استقرارًا لقيمة النقد.

كل هذه العوامل لا يمكن أن تتحقق وبشهادة علماء الاقتصاد الغربيين وغير الغربيين إلا إذا أخذنا شيئين من روح الاقتصاد. أخذنا بالدرجة الأولى سعر الفائدة، فإذا ألغينا سعر الفائدة وضبطنا العملية وحققنا أنه لا يكون هناك مضاربات على هذه العملة.

هذه هي النقاط الرئيسية التي وددت أن أثيرها وأنا أعتقد أن الوقت مناسب جدًا للعمل على ترويج النظرية الاقتصادية الإسلامية، لأن فيها علاج لأمراض الوضع الاقتصادي العالمي القائم.

وشكرًا جزيلاً لكم.

<<  <  ج: ص:  >  >>