للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

خامسًا: الإخوة الكرام معظمهم ألقوا بالأئمة جميعًا في انهيار اقتصاديات النمور الستة – كما سميت – إلى قضية المضاربة بالعملات، ولذلك حظروا من المضاربة أو حتى التعامل بالعملات تحذيرًا شديدًا، ولكن الدراسات الاقتصادية كلها تشير إلى أنها تعود إلى عدة أشياء منها ليست المضاربة فقط وإنما إلى سوء استخدام التعامل الكبير في المضاربات، وإلا فإن هناك بورصات عالمية في بريطانيا وفي أمريكا وفي غيرها ولم تؤدِّ إلى هذه الانهيارات. هذا جانب، والجانب الآخر هناك أسباب أخرى منها:

الهيكلة الاقتصادية لهذه الدول كانت هشة، ولم تكن صحيحة ولم تكن قوية. وكذلك هناك خطورة كبيرة جدًّا، الدولة – كما أشار إلى ذلك فضيلة الشيخ الدكتور الزبير – تدعم العملة وفي الوقت نفسه البورصة متفوحة وهذا مخالف أيضًا للواقع، إذا كانت البورصات مفتوحة على الخارج لا بد أن تكون العملة معومة حتى لا تتضرر، ولذلك كلنا نعرف أنه حينما انهارات العملات ضخت الدولة على سبيل المثال ماليزيا بعشرة مليارات لشراء النقود، أي أنها هي التي دفعت. يعني أنه لو لم تكن الدولة مقيدة بسعر عملتها، وكانت العملة معومة ربما لم يكن بهذا الشكل. إضافة إلى الفساد الإداري الذي كشف عنه الآن العالم سواء كان في أندونيسيا أصبح الفساد الإداري معروفًا، أصبح أربعون مليار دولار للأسرة الحاكمة وكذلك في ماليزيا. فلا ينبغي حقيقة أننا حينما نلقي باللائمة على شيء نركز على موضوع معين، فالقضية ليست قضية أحادية ولا ثنائية وإنما ربما الأسباب أكثر من عشرة.

سادسًا: مسألة أخيرة ذكرها الدكتور أحمد حول موضوع سلطة ولي الأمر في تقييد المباح.

هذه المسألة في الحقيقة لها خطورة وخاصة في عالمنا اليوم بهذا الإطلاق، ولذلك حينما رجعت إلى كتب المحققين مثل: (سليمان بن قرافي وشيخ الإسلام ابن تيمية وابن القيم) ، نجد أنهم فرقوا بين نوعين من المباح، قالوا: هناك مباح دل الشرع على إباحته فهذا لا يجوز لولي الأمر أن يمنعه ولا أن يقيده، مثل التعدد والطلاق، وحتى في بعض الدول منع التعدد وقالوا إن هذا من سلطة ولي الأمر، والذي قال بذلك علماء سلطة، هذا نص عليه المحققون بأن هذا لا يجوز لأنه مباح بنص شرعي.

أما المباح الذي يجوز تقييده بسلطة ولي الأمر هو المباح العام أو ما يسمى بـ (العفو) وهو الذي ذكره حديث سليمان (ما أحل الله في كتابه، وكذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم في سنته فهو حلال، وما حرمه الله فهو حرام، وما سكت عنه فهو عفو) . هذه المنطقة الواسعة التي تسمى منطقة العفو يجوز لولي الأمر أن يمنع وأن يصدر فيها من باب السياسة الشرعية إذا كان هناك مصلحة معتبرة وليست مصلحة موهومة.

أشكر سيادة الرئيس على إتاحة الفرصة لي، وجزاكم الله خيرًا، والسلام عليكم.

<<  <  ج: ص:  >  >>