بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد خاتم النبيين، وعلى سائر الأنبياء والمرسلين.
أحسن الباحثان الاقتصاديان الفقيهان الحديث عن الجانبين الاقتصادي والفقهي، جزاهما الله خيرًا. ولكني لم أسمع منهما حديثًا عن المتاجرة أوالمضاربة في الأسهم، وكنت أعتقد أن لها صلة قوية بالمضاربة في النقود، بل أنا أعتقد أنها حقيقة مضاربة في النقود. ورأيي هو أن التعامل في الأسهم يجب أن يكون مقصورًا على شراء الأسهم بقصد الاستفادة من ريعها، أما التعامل فيها بقصد الربح من تداولها فقط فلا فرق بينه وبين المتاجرة أو المضاربة في النقود. وتحضرني في هذه المناسبة عبارة لابن عباس عندما سئل عن الحكمة في منع بيع الطعام قبل قبضه، فقال:"ذاك دراهم بدراهم والطعام مرجأ"، وأنا أقول: إن هذا القول ينطبق تمامًا على المتاجرة بالأسهم بقصد الربح، وأقول: هي دولارات وبدولارات، وحقيقة السهم مرجأة. وحبذا لو حدثنا الباحثان عن صيغة المضاربة في الأسهم بالمضاربة على العملة من الناحية الاقتصادية.
نقطة أخرى أثارها الدكتور المرزوقي حيث إنه اعترض على رأيين شرعيين ذكرهما الباحثان، أحدهما يتعلق بما يطبق في أسواق الصرف مع أن هناك فارقًا زمنيًّا ومكانيًّا أو ما يشبههما، وأوافقه على هذا. وقد انتهج صاحب البحث أن يوجد لهذا تبريرات ولكنها لا تقف أمام النص.
المسألة الثانية: أخالفه فيها مخالفة شديدة وهي ما ورد في البحثين: (التجارة في النقود مرفوضة شرعًا) ، أقول: إن هذا هو الصواب التجارة بمعنى المضاربة في النقود مرفوضة شرعًا. قد يقول الدكتور المرزوقي: لا يدل كلام العلماء على عدم جواز التجارة في النقود، وأقول: إن العلماء اختلفوا في الصرف، هل الأصل فيه الجواز أو المنع؟ أي بيع النقود وإن كان هذا ورد في بعض ألفاظ الحديث كلمة (بيع) : ((لا تبيعوا الذهب بالذهب)) ، وورد في بعضها مجردة من لفظ البيع أو التجارة " الذهب بالذهب، والفضة بالفضة"، (أحكام الصرف) . فالفقهاء اختلفوا في هذا، بعضهم قال: إن الأصل في الصرف المنع ولكنه جاز استثناءً، وهذا هو ما أرجحه، وقال به: بعض أئمة المذاهب لا أذكرهم بالتحديد ولكن عددًا منهم قالوا: إن الأصل في الصرف المنع. ثم حتى لو لم يكن العلماء المتقدمون عند المتاجرة في الصرف، لو لم يقولوا هذا ممنوع فإن الواجب على علمائنا الآن أن يقولوا بمنعها بعدما سمعوا ورأوا بأعينهم، فقد رأينا هذا بأعيننا في بلادنا، ورأينا ما فيها من مضار، لو لم يكن فيها قول سابق مطلقًا لوجب علينا أن نقول بمنعها الآن. هذا ما أردت أن أقوله، وشكرًا لكم.