للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الدكتور صالح المرزوقي:

بسم الله الرحمن الرحيم، والصلاة والسلام على النبي الأمين وبعد؛

أولاً: إن الأسباب الرئيسية للأزمات الاقتصادية والخسائر المفزعة التي بلغت مئات المليارات من الدولارات، والتي حلت بالكثير من دول جنوب شرق آسيا، وأثرت على دول العالم مثل أوروبا وأمريكا واليابان وغيرها، هي تعاطي الربا والعمليات المخالفة كالعمليات الآجلة وبيع المستقبليات والخيارات والمؤشرات والمقايضة المخالفة لأحكام الشريعة الإسلامية، مثل بيع الدين بالدين وهذا ممنوع، وبيع النقود بالنقود بعيدًا عن الضوابط الشرعية، وبيع العملة وعدم القبض، بل الاكتفاء بالتسجيل في الكمبيوتر، ثم بيعها إلى ثان وثالث ورابع وخامس دون أن يقبض البائع أو المشتري، وخشية من وقوع هذه الآثار السيئة على البلدان الإسلامية فإنني أقترح على المجمع الموقر في هذه الدورة المباركة أن يستغل هذا الظرف ويوجه نداءً يناشد فيه الدول الإسلامية حكومات وشعوبًا على تجنب الربا في جميع المعاملات عمومًا وفي المصارف خصوصًا، وأن تلتزم بلدانهم بتطبيق المعاملات المالية الجائزة شرعًا والابتعاد عن المعاملات الممنوعة شرعًا.

وبناءً على ثبوت فشل السياسات الاقتصادية. . . وعدم قدرتها على التصدي لهذه الأزمات الاقتصادية المتكررة، واعتراف كثير من علماء الاقتصاد الوضعي بهذا، إذا رأى مجلسكم الموقر أن يمتد أثر هذا المجمع بتوجيه النصح لجميع دول العالم بالابتعاد عن المعاملات المحرمة مع بيان البدائل الشرعية التي تم الاتفاق عليها في المجمع، فسوف يكون هذا محمودًا لكم وربما يتحقق به خير كثير في العاجل والآجل.

ثانيًا: عرض أخي الكريم سعادة الدكتور شوقي دنيا بشكل مركز في بحثه القيم أسباب المشكلة الاقتصادية التي تعرضت لها الأسواق المالية في دول جنوب شرق آسيا، وتعرض لبيان موقف الاقتصاد الإسلامي، وقد أجاد وأفاد، وفي آخر صفحة من بحثه تكلم عن موقف الاقتصاد الإسلامي من الاتجار بالنقود، وسرد متونًا كثيرة للعملاء في هذا الشأن، وخلص إلى أن التجارة في النقد وهي غير الصرف المعتد به شرعًا مرفوضة شرعًا، حيث قال: إن التجارة في النقود مرفوضة شرعًا. والذي أود أن أنبه عليه أن التجارة في النقود - فيما أعلم ليست - مرفوضة شرعًا بحسب ما توصل إليه فهمي القاصر لقوله صلى الله عليه وسلم: ((الذهب بالذهب)) – إلى أن قال -: ((فإذا اختلفت هذه الأصناف فبيعوا كيف شئتم إذا كان يدًا بيد)) ، وقال. . .: سألت البراء بن عازب وزيد بن أرقم عن الصرف، إلى أن قال: فكلاهما يقول: ((نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن بيع الذهب بالورق دينًا)) ، وقال صلى الله عليه وسلم: ((الدينار بالدينار والدرهم بالدرهم لا فضل بينهما)) . وهذه الأحاديث قد دلت على جواز التجارة في النقود، لأن صرف النقود من عملة إلى عملة ضروري لعموم الناس.

<<  <  ج: ص:  >  >>