للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هذه القيمة تتحدد عادة من خلال ما يعرف بسوق الصرف الأجنبي. سوق الصرف الأجنبي سوق عجيبة الشأن. والورقة أشارت إلى بعض خصائص هذه السوق. أكبر سوق في العالم هي سوق التعامل في العملات اليوم، سوق عالمية بمعنى الكلمة مكانًا وزمانًا، ليس لها مكان معين منحصر كبقية أسواق السلع الأخرى وإنما هي منتشرة في كل بقاع العالم. إذن هي متصلة مكانيًّا.

ثانيًا: هي متصلة زمنيًّا على مدار الأربع والعشرين ساعة تجد سوق النقد قائمة، إذا أغلقت في جزء من أجزائها وفي ركن من أركانها فتحت في جزء آخر، ولذلك على مدار الأربع والعشرين ساعة تجد على مستوى الكرة الأرضية سعر العملة الفلانية معروفًا ومحددًا للجميع، للقاصي وللداني. حجم التعامل فيها وصل إلى درجة رهيبة تفزع حتى الاقتصاديين، الاقتصاديون أنفسهم فزعوا من هذا الحجم، الحجم وصل في اليوم إلى أكثر من تريليون ونصف، وطبعًا هذا المبلغ رهيب، أكثر من ألف وخمسمائة مليار يوميًّا حجم التعامل في النقود لكي نعرف صورة هذا الحجم وخطورة هذا الحجم هذا يعادل حجم الناتج الإجمالي لألمانيا، ونحن نعلم اقتصاد ألمانيا وضخامته وقوته.

حجم الناتج الإجمالي السنوي لألمانيا يتعامل العالم به يومًا واحدًا وليس أسبوعيًّا أو سنويًّا، وهذا يساوي أربعة أضعاف ما ينفقه العالم سنويًّا على سلعة استرايتجية خطيرة وهي البترول، سبحان الله!! هذا التعامل في النقود ما الدافع إليه؟ هذا التعامل الضخم الرهيب الذي تمارسه مؤسسات عملاقة أصبحت المؤسسات الإنتاجية اليوم بجوارها شبه أقزام، هذا التعامل الرهيب ما الدافع إليه؟ ماذا وراءه؟ هل وراءه تحركات سلع وخدمات والتقاء رؤوس أموال؟ هل وراءه مجرد التعامل النقد بالنقد؟ مما يؤسف له أن الغالبية العظمى من هذا الحجم والتي تتجاوز (٨٠ %) في بعض الإحصائيات ترجع إلى التعامل في النقد للنقد أو للمضاربة ولالتقاء رؤوس الأموال قصيرة الأجل وهي الأخرى تجري وراء المضاربة.

<<  <  ج: ص:  >  >>