للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المضاربات في العملة

العرض – التعقيب والمناقشة

العرض

الرئيس:

بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، وصلى الله على نبينا محمد، وعلى آله وأصحابه وعلى من تبعه بإحسان إلى يوم الدين.

في هذه الجلسة الصباحية المباركة بمشيئة الله تعالى، نتناول موضوع المضاربات في العملة والوسائل المشروعة لتجنب أضرارها الاقتصادية والتي كتب فيها بحثان سبق توزيعهما عليكم والعارض هو الأستاذ شوقي أحمد دنيا، والمقرر هو الأستاذ أحمد محيي الدين أحمد.

الدكتور شوقي أحمد دنيا:

بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله، وعلى آله وصحبه، ومن تبع سنته وعمل بشريعته إلى يوم الدين.

السيد الرئيس:

الإخوة الكرام، الأعضاء والخبراء:

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

قبل أن أبدأ كلمتي حدث اتفاق بيني وبين الأخ الدكتور أحمد، صاحب الورقة الثانية على أن يتولى كل منا عرض ورقته، فهل هذا مقبول يا سيادة الرئيس؟

موضوعنا الآن كما تعلمون حضراتكم (المضاربات على العملة) . والورقة المعروضة بعنوان المضاربات على العملة، ما هيتها وآثارها وسبل مواجهتها مع تعقيب من منظور إسلامي.

بداية هذه الورقة المتاحة حاليا هي ورقة موجزة إلى حد كبير لعوامل متعددة، ولكن هناك ورقة أخرى أكثر تفصيلا وتبيانا لبعض القضايا التي وجدت أنها في حاجة إلى تبيان، وقد أودعت الورقة الثانية لدى إدارة الدورة.

إن النقود كما تعلمون كفقهاء وكاقتصاديين نالت أهميتها القصوى لدى فقهائنا من قبل رحمهم الله، ونالت أيضا أهمية كبيرة لدى علماء الاقتصاد، هذه قضية ينبغي أن نعيها جيدا وأن ندرك ما وراءها حيث إن الكثير من المشكلات الاقتصادية المعاصرة والتي تصل إلى حد الأزمات المدمرة والجائحة للعديد من الاقتصاديات اليوم هي في منشأها وفي أصلها لا تخرج عن خلل ما في التعامل مع النقد سواء التعامل مع النقود وعدم فهم حقيقة النقود والحكمة منها وعدم الفهم الدقيق لما وراء وظائفها وأهميتها في اقتصاديات الأمم والشعوب مما يسجل بالتقدير والإعجاب أن الإسلام قد عنى كل العناية بهذه القضية رغم أنه قد لا يبدو ذلك جليا للنظرة الأولى السريعة، لكن المتأمل والمتدبر في كل ما قيل في القرآن الكريم وفي السنة النبوية الشريفة وعلى ألسنة الفقهاء في مختلف المذاهب فيما يتعلق بأحكام الصرف وأحكام البيوع المختلفة كل شيء يدخل فيه النقد سترى أن هناك موقفا قويًّا ومميزا ودقيقا للإسلام حيال النقد، للأسف الشديد هذه القضية كانت تغيب عنا أو عن بعضنا في أيامنا هذه رغم خطورتها البالغة. الاقتصاديون الوضعيون (هم الآخرون) يعترفون بأن النقود وموضوع النقود ومشكلات النقود من أعقد وأخطر القضايا والمشكلات والموضوعات والمسائل الاقتصادية وهم بدورهم (والحق يقال) وخاصة في بداية مواقفهم وفي أصولها كان موقفهم إلى حد كبير جيدا حيث شخصوا طبيعة النقد وعلاقته بالثروة وبالأموال وبالسلع والخدمات، وبينوا أن النقد في واد والسلع والخدمات الأخرى في واد آخر، ولكنهم (وبكل أسف) انقضوا في الممارسات العملية على أنفسهم وخرجوا على ما قالوه واعتبروا النقد سلعة كأي سلعة تباع وتشترى وكان ما كان.

وهذا ما سبق أن حذر منه وبقوة وبوضوح عجيب علماؤنا السابقون إن رخص لهم في ذلك ركبوا العظائم، هذه كلمة الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله تعالى، وهناك كلمات لابن القيم ولابن تيمية والغزالي ولابن رشد، وغيرهم سوف نعرض لها تباعا إن شاء الله توضح لنا مدى ما كان لدى علمائنا من بصيرة ثاقبة بأهمية النقد، يكفي أن نعلم أن الربا يتمحور في الإسلام أساسا حول النقود والتعامل بها وكفى بالربا سوءة وجريمة في نظر الإسلام.

الموضوع هو (المضاربة في العملات أو على العملات) موضوع المضاربة في العملات هذا موضوع شرعي يندرج تحت موضوع أوسع وأشمل وهو التعامل في العملات أو التجارة فيها. ولكي نفهم المضاربة على العملات ونتعرف على الحكم الشرعي فيها، ينبغي أن نتعرف ولو بعجلة سريعة جدًا على التجارة في العملة، وعلى التعامل فيها وعلى قيمتها، وعلى ما يعرف بسوق الصرف الأجنبي إلى آخره، وهذا ما أشارت إليه الورقة المطروحة بإيجاز شديد.

فكما تعلمون للنقود أكثر من قيمة يعرفها الاقتصاديون ويعرفها الفقهاء المهتمون بهذه القضية، قيمة قانونية، وقيمة حقيقية، والقيمة الحقيقية تكلم فيها المجمع كثيرًا، وعقد لها ندوات كثيرة؛ وهي أنها ترجع إلى التضخم والكساد أو الاستقرار النقدي. . . إلى آخره، وقيمة خارجية وهذه هي موضوعنا الآن القيمة الخارجية للنقد. ما معنى القيمة الخارجية للنقد؟ لكل عملة وطنية قيمة خارجية، ما هي قيمتها الخارجية؟ قيمتها الخارجية ببساطة شديدة جدًا وبدون الدخول في تعقيدات فنية لا داعي لها ولا أهمية لها هنا هي نسبة تبادل العملة الوطنية إلى العملات الخارجية، بكم أشتري الدولار بالدينا؟ بكم نشتري الجنيه المصري بالريال السعودي؟ كأنها ثمن ومثمن، فالثمن هو العملة الوطنية والمثمن هو العملة الخارجية، أو بالعكس وكلاهما واحد، المهم أننا في سوق للعملة لتحديد قيمتها وسعرها ليس داخليًّا في مواجهة السلع والخدمات، وإنما في مواجهة العملات الأجنبية لمختلف البلدان.

<<  <  ج: ص:  >  >>