للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٣ - ارتفاع وتزايد حجم المديونية الدولية وكذلك المحلية ولاسيما المديونية قصيرة الأجل، فمعنى ذلك أن هناك عبئًا قويًّا ضاغطًا على تلك الدولة تمثل في ضخامة ما تقوم بتسديده من ديون وفوائد، ومن ثم المزيد من الطلب على العملات الأجنبية والمزيد من عرض العملة المحلية.

ويعتبر ذلك إنذارًا بما يمكن أن تتعرض له العملة من تدهور، وهذا ما حدث قبل وقوع الأزمة في الكثير من دول جنوب شرق آسيا، ويكفي أن ندرك أنه قد دخلت هذه الدول ما يوازي مائة بليون دولار من رؤوس الأموال الأجنبية في عام ١٩٩٦م كما ورد على لسان المدير التنفيذية في صندوق النقد (دكتور عبد الشكور شعلان) في تصريح لصحيفة الأهرام القاهرية في ١٥/٢/١٩٩٨م. ومعنى ذلك تآكل الدعامة الواقية للنقد الأجنبي وتدهور مناعة العملة المحلية تجاه الهجمات المضاربية التي تنطلق من عقالها لحظة حدوث اهتزاز أو قرب اهتزاز في البورصة.

٤ - ضعف الجهاز المالي والمصرفي: أجمع الخبراء – على اختلافهم في تفسير الأزمة – على أن العامل المالي والمصرفي كان من وراء ما اجتاح دول جنوب شرق آسيا من أزمة اقتصادية عاصفة.

وجوانب الضعف هنا متعددة، منها ما يرجع إلى طبيعة السياسات المالية والنقدية المطبقة، ومنها ما يرجع إلى فساد في الأجهزة القائمة، وضعف شديد في أجهزة الرقابة والمتابعة، وترتب على ذلك، وعلى غيره بذخ في الإقراض، بغض النظر عن مدى جدوى المشروع، وعن ملاءة المقترض وعن جديته، ما أنتج بلايين الدولارات المعدومة على هذه المصارف، الأمر الذي اضطرها إلى المزيد من الاقتراض الخارجي والداخلي، مهما كانت الشروط القاسية، إضافة إلى ما كانت عليه أصلاً من شهية مفتوحة للاقتراض. وتفيد بعض التقارير أن نسبة الديون الرديئة إلى جملة القروض المصرفية في تايلاند حوالي (٢٠ %) ، وفي أندونيسيا حوالي (١٧ %) ، وفي كوريا حوالي (١٦ %) ، وفي ماليزيا حوالي (١٦ %) .

٥ - الإسراف في الإنفاق وسوء تخصيص الموارد: هذه الوضعية هي الأخرى لا خلاف بين المحللين حول إسهامها البارز في وقوع الأزمة الاقتصادية الطاحنة. فقد طفحت على السطح ظاهرة تفشت في المجتمع، وشملت كلاً من القطاع الخاص والقطاع العام، وكلا من رجال الحكم ورجال المال، إنها ظاهرة الإنفاق الذي فاق حدود البذخ، وتربع بجدارة على عرش ما يعرف بالترف، لقد ظهرت فنادق ما فوق خمس نجوم، وكانت بعض هذه البلاد من أكبر البلاد استيرادًا للسيارات الفارهة ولغيرها من السلع المظهرية باهظة الثمن، في الوقت الذي كان فيه الكثير من السلع والخدمات الأساسية غير متوافر.

<<  <  ج: ص:  >  >>