للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد أسهمت الأزمات المالية الحادة التي تعرضت لها بلدان عديدة في أيامنا هذه، وفي غمراتها انهارت القيم الخارجية لعملاتها، وكان لعامل المضاربة دوره البارز في ذلك، أسهمت هذه الأزمات في رصد العديد من هذه المغريات.

٤- إغراءات على المضاربة بالهبوط في العملات: لا ندعي أننا هنا سنحيط بكل هذه الإغراءات، وإنما هي الإشارة السريعة إلى بعض أهم هذه الإغراءات (١) :

١ - تدهور معدل النمو الاقتصادي: إذا سجل الاقتصاد القومي معدلاً مرتفعًا للنمو واستمر ذلك لسنوات متعددة، ثم أخذ في التدهور بعد ذلك، فإن هذا يعد نذيرًا بأن عملة هذا البلد ستواجه قيمتها الخارجية المزيد من الضغوط. ويعد ذلك إغراءً قويًّا لدى المضاربين على الهبوط فيمارسون هذه اللعبة فيهبط سعر العملة بالفعل، وقد قيل على ألسنة بعض المحللين إن بوارد الأزمة لدول جنوب شرق آسيا قد ظهرت منذ عدة سنوات ممثلة فيما لحق معدلات نموها من تدهور، فبعد أن وصل معدل النمو في هذه الدول إلى (٨ %) لعشرات السنين فمنذ عدة سنوات، أخذ هذا المعدل في التراجع الكبير، الأمر الذي أنذر بوجود خلل ما، ومن ثم فهناك بوادر لحدوث ضغط على سوق الصرف الأجنبي وبالتالي هبوط سعر العملات الوطنية، وهذه فرصة سانحة أمام كل من يضارب على الهبوط في سوق صرف هذه العملات. وقد اغتنم هذه الفرصة العديد من الجهات والمؤسسات المضاربة.

٢ - تدهور وضع الميزان التجاري: الحالة التي عليها الميزان التجاري لأية دولة وتطور هذه الحالة هي ترجمة أمينة لما يمكن أن تكون عليه سوق الصرف الأجنبي لعملة البلدة محل الدراسة.

فإذا ما أظهرت تدهورًا ناجمًا عن عقبات أمام التصدير أو ارتفاع معدل الواردات فمعنى ذلك وجود بوادر للضغط على القيمة الخارجية للعملة، حيث يتولد المزيد من العرض مع قلة الطلب، ولاشك أن وجود ذلك يغري المضاربين على ممارسة لعبتهم في سوق صرف العملة الوطنية.

والملاحظ أن الكثير من بلاد جنوب شرق آسيا قد حدث في موازينها التجارية تدهور منذ عدة سنوات، ناجم عن صعوبات كبيرة بدأت تظهر في طريق الصادرات، للعديد من الاعتبارات، والتي من بينها تشابه الصادرات إلى حد كبير في هذه الدول، ومن ثم المنافسة الشديدة على الأسواق الخارجية. وتعرض بعض الدول لمشكلات كبيرة (٢) ، فقد وصل عجز الميزان التجاري لتايلاند في عام ١٩٩٦ إلى (٨ %) من إجمالي الناتج المحلي.


(١) غيلير مو أورتيز، ما هي الدروس التي تطرحها أزمة المكسيك بالنسبة للانتعاش في آسيا؟ مجلة التمويل والتنمية، يونيو ١٩٩٨م.
(٢) د. حاتم القرشناوي، التفسير الاقتصادي للأزمة، في (أزمة البورصات العالمية) ، مرجع سابق، أوري دادوش، توقع انعكاس تدفقات رأس المال، مجلة التمويل والتنمية، صدوق النقد الدولي، ديسمبر ١٩٩٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>