للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

واستشهد أصحاب هذا الرأي بالطلاق الذي هو مباح فهل يكون لولي الأمر الحق في منعه؟ والتعدد مباح فهل يجوز تقييده؟ ويعتبر أصحاب هذا الرأي أن المباح باب واسع هو أوسع مما قيد بالأحكام الأخرى، لذلك فإن منع الناس عنه فيه تغيير لأحكام ثابتة، وتحريم أمور مباحة في أصل الشرع لم تشهد على حرمتها نصوص (١) .

وعمومًا فإني لا أرى في الآيات التي تم الاستدلال بها حجة فيما يتعلق بالمتاجرة بالعملات. لأن الآيات تختص باستهلاك الأفراد من السلع والخدمات ولا تتعلق بسياسات الدولة وإدارتها لشؤونها الاقتصادية والفرق كبير، كما أن هناك الكثير من القواعد المتفق عليها والتي تقيد المباحات في قضايا السياسة الشرعية مثل:

- سد الذرائع.

- درء المفاسد.

- الضرر يزال.

- المصلحة الكلية مقدمة على المصلحة الجزئية.

- كل تصرف جر فسادًا أو منع صلاحًا فهو منهي عنه.

- يتحمل الضرر الخاص لدفع الضرر العام.

ولقد أشار أصحاب الرأي المانع للتقييد وبوضوح إلى ما يخرج ما نحن بصدده من دائرة الحظر التي يتبنونها عندما نصوا على التالي: (يجب التنبيه إلى أن كلا منا لا يشمل الأمور التي هي من اختصاص ولي الأمر، لأنها من اختصاصه قطعًا، كما لا يشمل المباحات التي أصبحت لازمة الترك لاقترانها بتحريم جاز للحاكم أن ينهي عنه، إذ من وظائف ولي الأمر سد الذرائع) (٢) .

ولقد ذهب عدد كبير من الذين كتبوا في السياسة الشرعية إلى حق ولي الأمر في أن يأمر بمباح فيصير واجبًا على من أمرهم به، أو أن ينهي عن مباح فيصير حرامًا على من نهاهم عنه. استدلالاً بقوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ} [النساء: ٥٩] .


(١) انظر د. محمد القري، أصول الاقتصاد الإسلامي، ص ٦٤ – ٦٥.
(٢) د. محمد القري، أصول الاقتصاد الإسلامي، ص ٦٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>