للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٤ - عمليات المقايضة (SWAP) :

عمليات المقايضة كما أشرنا سابقًا تعتمد على شراء أو بيع عملة مقابل عملة أخرى في السوق الحاضرة مع إجراء عملية متزامنة في السوق الآجلة لبيع العملة التي سبق شراؤها أو شراء العملة التي سبق بيعها.

وواضح أن هذه المعاملة غير جائزة شرعًا للتالي:

١- تضمنت الصرف الآجل وهو ممنوع كما أشرنا.

٢- اشتملت على بيعتين في بيعة واحدة، أو عقدين في عقد واحد وهو ممنوع.

ثانيًا – سلطة ولي الأمر في تقييد المباح:

أشرنا سابقًا ونحن نوضح أحكام تبادل العملات بأن التعامل العاجل في العملات بما في ذلك التعامل في أسواق الصرف العاجلة يقع صحيحًا من الناحية الشرعية (١) ، والسؤال المطروح أنه إذا ما أفرز هذا التعامل ظواهر سلبية تؤثر على استقرار النشاط الاقتصادي، وعلى وضع ميزان المدفوعات ويربك السياسات الاقتصادية والنقدية، هل يجوز للسلطات المختصة أن تمنع أو تقيد حرية المتعاملين في إجراء المعاملات في أسواق الصرف الدولية أو المحلية؟

سوف نحاول في هذا الجزء تأصيل مسألة سلطة ولي الأمر في تقييد المباح، فكما نعرف فإن المباح هو (ما لا يثاب فاعله ولا يعاقب تاركه) وبالتالي فهو يستوي فيه الفعل والترك. أي أن الفرد المسلم حر بأن يفعل وحر بأن يترك فهو بالخيار، وإليه يعود الترجيح بين الفعل والترك بناءً على تقدير مصلحته، وقد يحدث أن يتولى ولي الأمر هذا الترجيح نيابة على المسلمين وبموجب تقدير المصلحة العامة، لأن تصرف ولي الأمر منوط بالمصلحة. وقد ينهى عن المباح سدًّا للذريعة (٢) .

يرى البعض أنه ليس لولي الأمر سلطة تقييد المباح باعتبار أن ذلك صورة من صور تحريم ما أحل الله ويشمله قوله تعالى: {قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ} [الأعراف: ٣٢] .

وقوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تُحَرِّمُوا طَيِّبَاتِ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكُمْ وَلَا تَعْتَدُوا} [المائدة: ٨٧] ، ولأن المباح ليس منطقة فراغ تشريعي، ولكنه حكم من أحكام الشرع الحنيف مبني على مصالح ظاهرة، ففي تغيير حكمه إلى محرم مناقضة لمصلحة أصلية نصت عليها أحكام الشارع.


(١) انظر ص ٤٥٣.
(٢) انظر رفيق المصري، أصول الاقتصاد الإسلامي، دار القلم، ص ٧٧ – ٨٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>