للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وخلاصة القول إن الأجل الذي يتخلل عمليات الصرف العاجل يمكن اعتباره يسيرًا، وغير مقصود لذاته، ولا يمكن الاحتراز عنه، يؤيد هذا قرار مجلس مجمع الفقه الإسلامي في دورة مؤتمره السادس المنعقد في جدة عام ١٤١٠هـ حيث جاء فيه: " ويغتفر تأخير القيد المصرفي بالصورة التي يتمكن المستفيد بها من التسلم الفعلي للمدد المتعارف عليها في أسواق التعامل، على أنه لا يجوز للمستفيد أن يتصرف في العملة خلال المدة المغتفرة إلا بعد أن يحصل أثر القيد المصرفي بإمكان التسليم الفعلي " (١) .

٢ - عمليات الصرف الآجلة:

تعتبر عمليات الصرف الآجل عمليات ممنوعة بموجب الأحكام الفقهية التي أشرنا إليها في هذا البحث (٢) ، واستنادًا إلى حديثي عبد الله بن عمر وعبادة بن الصامت السابق الإشارة إليهما، ولحديث أبي سعيد الخدري الذي جاء في آخره: ((ولا تبيعوا منها غائبًا بناجز)) (٣) ، فما بالك بغائب بغائب؟! ولنهي رسول الله صلى الله عليه وسلم ((عن بيع الذهب بالورق دينًا)) (٤) . وحديث البراء بن عازب ((ما كان يدًا بيد فلا بأس به وما كان نسيئة فهو ربا)) (٥) .

ولقد أجمع الفقهاء منذ عهد الرسول صلى الله عليه وسلم، وإلى الآن على عدم صحة الصرف الآجل.

ولقد حاول بعض الباحثين أن يخرج عمليات الصرف الآجل على أنها مواعدة في الصرف على أساس السعر الحاضر، وذلك لأنه لا يوجد تسليم من أي طرف ولكن يوجد اتفاق على الشراء في المستقبل بسعر محدد مسبقًا (٦) .

وحتى لا ندخل في متاهات البحث النظري في مدى صحة أو عدم صحة المواعدة في الصرف (٧) أود التأكيد على أن عمليات الصرف الآجلة هي عقود لازمة منظمة لتعامل مختلف المتعاملين بمختلف عقائدهم، ولم يراع فيها أبدًا أن تكون وعودًا لا عقودًا، بل إن اعتبارها وعدًا يمكن عدم الوفاء به دون أن يترتب على ذلك جزاء قضائي يناقض فلسفة إنشاء أسواق الصرف الآجلة، يقول أحد الخبراء في هذا المجال عن أسواق الصرف الآجلة: "أنه عندما يتم الاتفاق على سعر معين فإن هذا السعر يكون ملزمًا ولا يستطيع أي طرف التنصل منه، أو التراجع عنه مهما كانت النتائج المتوقعة ومهما كانت الخسائر التي سوف يتحملها ذلك الطرف نتيجة الالتزام به ".


(١) مجلة مجمع الفقه الإسلامي، العدد السادس الجزء الأول، ص ٧٧٢.
(٢) انظر ص ٤٥٢.
(٣) رواه مسلم، صحيح مسلم: ٣ / ١٢٠.
(٤) رواه البخاري: ٥ / ٢٨٧؛ ومسلم: ١٢١٣.
(٥) رواه مسلم: ٣ / ١٣١٢.
(٦) د. سامي حمود، تطوير الأعمال المصرفية، ص ٣٥١.
(٧) لمزيد من التعمق حول المواعدة في الصرف، انظر: د. أحمد محيي الدين، عمل شركات الاستثمار الإسلامية في السوق العالمية، ص ٣٤٠ وما بعدها؛ د. سامي حمود، تطوير الأعمال المصرفية، ص ٣٥١ وما بعدها.

<<  <  ج: ص:  >  >>