للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كذلك قياس شيء على المضمضة والاستنشاق، حكما لا بد أن يرشح شيء أثناء المضمضة والاستنشاق إلى الجوف، ولكن الفقهاء لم يحكموا بالفطر لأنهم إذا حكموا بذلك أفسدنا التكليف الشرعي، وهو كون المضمضة والاستنشاق سنة في أغلب المذاهب، وواجبة في المذهب الحنبلي، فحينئذ أيضًا ينبغي أن نراعي معنى التكليف، وبالتالي لا يصح أن نقيس على المضمضة والاستنشاق بعض ما يدخل إلى الجوف حتى ولو كان قليلًا سواء كان مغذيًا أو غير مغذ، ولو كان كالسمسمة والبحصة وما شاكل ذلك.

هذا هو المبدأ الأول في موضوع الحفاظ على نظرية المنافذ المفتوحة التي قررها ما عدا الاستثنائين، الاستثناء الذي ذكرته.

وأما ما يرشح إلى جوف العين فهنا نجد أن المذهب المالكي يعتبر القطرة في العين مفطرة، وهذا غير منفذ، ليس منفذًا مفتوحًا، وبقية الفقهاء قرروا أن القطرة في العين حتى لو وجد طعمها في الجوف لا يفطر. فإذن مرة نوافق المالكية في هذا الموضوع ومرة نخالفهم؛ لأن العين - أخذًا بنظرية المنافذ المفتوحة - ينبغي ألا يكون الداخل إليها بالكحل أو القطرة مفطرًا.

أما بقية المنافذ المفتوحة وهي الداخل إلى القبل والدبر والإحليل والمهبل فهذه ينبغي أن تكون مفطرة، وسأذكر أن بعض الإخوة الأطباء قالوا: مفطرة , وبعضهم قالوا: غير مفطرة. وفضيلة الشيخ السلامي اعتبر أنها مفطر. كذلك أنا أخالف الأطباء في قضية إدخال شيء إلى الجسد مثل القثطرة التي هي الأنبوب الدقيق وما في حكمها، لأخذ خزعة من الكلية أو من الكبد أو تنظير المعدة بالوسائل الحديثة، أو إدخال الطبيب أو القابلة أصابعه بالقفازات إلى مهبل المرأة أو عند الولادة، وسألني كثير من الناس أن الأطباء المولِّدين يدخلون أصابعهم أثناء الولادة لإخراج الولد فهل يمكن أن نقول أن هذه الأشياء لا تفطر؟ فالواقع هنا خرق لمعنى الإمساك الذي يتنافى لغة مع الصيام. القضية ليست قضية الجوف وأنه مغذي أو غير مغذي، وهل يصل إلى الجهاز الهضمي أو لا يصل؟ الواقع هنا خرق لدائرة الإمساك التي ينبغي أن تصان عنها نفس الصائم في حالة الصيام. فينبغي القول بأن هذه الأشياء مفطرة حينما ندخل هذه الأجهزة إلى المهبل والإحليل والدبر ومن المريء إلى المعدة (التنظير الشعاعي) ، كل هذه ينبغي أن تكون مفطرة.

<<  <  ج: ص:  >  >>