للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الشيخ وهبة الزحيلي:

بسم الله الرحمن الرحيم

لا شك أننا استمتعنا في صبيحة هذا اليوم بالبحوث الثلاثة المعمقة، أولها البحث الفقهي من فضيلة مفتي تونس الشيخ محمد السلامي، والبحثان الآخران من الطبيبين الكريمين، وكل منهما بحسب تخصصه قد أفاد وأجاد. فبحث فضيلة الشيخ السلامي تميز بالتصور الشامل للموضوع والدقة والبيان الكلي البليغ كشأنه دائمًا، والبيان الفقهي والأصولي بضوابطه الفقهية.

وقبل أن أتحدث عن وجهة نظري في تأييد أو مخالفة كل من الأساتذة الثلاثة أقول: ينبغي أن نتخذ هذه القواعد التي ارتأيتها وهي: الحفاظ على نظرية المنافذ المفتوحة التي قررها الفقهاء، والتي يكون إدخال شيء منها مفطرا للصوم ما عدا الأذن، أخذًا بمذهب المالكية الذين لا يقولون بإفطار إدخال شيء من الأذن، فهذا التصور يتفق مع الطب الحديث ويكون في قرارنا شيء من الحكمة إلا إذا كانت الطبلة مثقوبة. وكذلك ما عدا إدخال شيء إلى الجسد يقصد به التغذية أو الاستمتاع بشهوة المزاج، فإذا كان القصد من إعطاء الحقن أو الإبر التغذية فينبغي أن يكون الشيء مفطرًا، وكذلك إذا كان قضية المخدرات وغيرها قصد به مراعاة هذا الشخص أيضًا يكون مفطرًا، وينبغي أن نفرق بين القصد وعدم القصد , فما أثاره الدكتور رجائي فيمن يشم الغبار أو الدخان أو البخور , فإذا تعمد الإنسان شم هذه الأشياء فالقصد والنية معتبرة ((إنما الأعمال بالنيات)) ، إذا تعمد شمها أو فتح فاه ليستقبل الغبار فينبغي أن يكون الشيء مفطرًا، أما إذا وجد في مكان لا قصد له فشم الروائح وشم الدخان أو الغبار فهذا لا يكون مفطرًا، والفقهاء راعوا قاعدة أخرى غير قاعدة المفطرات وهي أن (المشقة تجلب التيسير) وأن كل ما يشق الاحتراز عنه ينبغي أن يكون معفوا عنه، فالقضية في المفطرات ليست مجرد إدخال شيء إلى الجوف أو عدم إدخاله.

<<  <  ج: ص:  >  >>