ومذهب الشافعي أن مخرج الخاء والغين المعجمتين من الظاهر، ومخرج الهمز والهاء من الباطن، والاختلاف في مخرج الحاء والعين المهملتين.
وما يترتب على هذا في باب التداوي:
١) تناول الأدوية التي يغرغر بها المريض , فهي واصلة قطعًا إلى أعلى الحلق , فهي مفطرة على الراجح عند المالكية، غير مفطرة عند الحنفية والشافعية , ولكن ينبغي أن يبصق بعد المج. يقول ابن عابدين: لاختلاط الماء بالبصاق فلا يخرج بمجرد المج , نعم لا يشترط المبالغة في البصق؛ لأن الباقي بعده مجرد بلل ورطوبة لا يمكن التحرز منه.
٢) مضغ دواء لا يتحلل منه شيء إلى المعدة؛ ففي التتارخنية: أو إذا مضغ الإهليلج. ولم يدخل منه شيء إلى المعدة إلا أن الريق المتأثر بالمضغ قطعًا وصل إلى معدته: أنه لا يفطر.
وعند المالكية أن من يمضغ العلك الذي لا يتحلل منه شيء ثم يمجه لا يضره , وقيده أبو الحسن الصغير في تعليقه على المدونة أن محل ذلك إذا مضغه مرة واحدة ليداوي به شيئًا , وأما إذا كان يمضغه مرارًا ويبتلع ريقه فلا شك أنه يفطر، لأنه يبتلع بعض أجزائه مع ريقه.
وفي مذهب أحمد قال إسحاق بن منصور: قلت لأحمد: الصائم يمضغ العلك؟ قال: لا. وقال أصحابه: ما يتحلل من العلك لا يجوز مضغه إلا أن لا يبلع ريقه، فإن فعل فنزل إلى حلقه منه شيء أفطر به. وأما ما لا يتحلل منه شيء فهو كالحصاة مضغها في فيه. إلا أنه أن مضغه فوجد طعمه في حلقه دون أجزاء منه فوجهان.
مداواة حفر الأسنان:
يقول خليل: وكره مداواة حفر، زمنه إلا لخوف ضرر.
فمداواة حفر الأسنان في نهار رمضان له أحوال.
أن يخشى الضرر من تأخير الدواء إلى الليل أو إلى ما بعد رمضان.
وهنا أن بلغ خوف هلاك وجب، وإن خشي حدوث مرض أو زيادته أو شدة ألم جاز له الإقدام على المداواة , فإن سلم ولم يبتلع منه شيئًا صح صومه , وإن ابتلع منه غلبة قضى , وإن تعمد الابتلاع فهو كمن أكل في نهار رمضان متعمدًا.
والذي يظهر لي أن المالكية قد اعتمدوا في فتاواهم الأصل الذي توسعوا في تطبيقه والقول بمقتضاه، وهو سد الذرائع؛ وإلا فإنه إذا لم ينزل شيء إلى المعدة مما دخل الفم فهو لا يختلف عن الذي تمضمض بالماء ثم مخه. ومما يوضح ذلك ما علل به الرهوني: أن المتحلل إذا رجع من الحلق لا يسلم غالبًا من أن يبقى في المحل منه ما يصل إلى الجوف مع الريق بخلاف غير المتحلل. وما علل به أيضًا ابن الماجشون بأنه ليست العبرة بالغذاء، وإنما لأن حلق الصائم حمى فلا يجاوزه شيء.