فإذن نستنتج: أن ما لا يكون من هذه الأربعة، ولم يصدق عليه الأكل لا يضر الصائم، فلم تقيد إطلاقات الأكل والشرب بالرواية الحاصرة، بل الأمر بالعكس.
الرابع: أنه لا يمكن العمل بها لمخالفتها للإجماع المحكي والشهرة العظيمة المحققة.
فالحق في الجواب هو الجواب الثالث والرابع.
وأما سائر الروايات (الطائفة الثانية) فقد أجيب عنها:
بأن المراد من الطعام هو الأكل (المعنى المصدري) دون المطعوم، والأكل يشمل المأكول المتعارف وغيره كما أثبتناه سابقًا.
والدليل على إرادة هذا المعنى في رواية الذباب أمر، وفي رواية الاكتحال أمر آخر، أما رواية الذباب؛ فهو أن مرجع الضمير في قوله:" لأنه ليس بطعام " هو الدخول، ولما كان الدخول غير اختياري، والأكل أمر اختياري فيمكن أن نقول: إن الدخول ليس بأكل ولا يصدق عليه الأكل. والشاهد عليه: قضاء الضرورة ببطلان صوم من أكل من الذباب كمية وافرة وبمقدار الشبع.
وفيه: أن قضاء الضرورة ببطلان هذا الصوم أمر، ودلالة الرواية أمر آخر، وعلينا أولًًا أن نلاحظ مفاد الرواية، وظاهرها هو الطعام بمعنى المطعوم، نعم لو كان هذا المفاد مخالفًًا للضرورة والإجماع المحكي المعتضد بالشهرة المحققة، فنرفع اليد عن الرواية.
وبعبارة أخرى: لو رفعنا اليد عن ظاهر الرواية بقضاء الضرورة؛ لم يكن الاستدلال استدلالًا بالسنة فقط.