للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الدليل الثاني:

ما ذكره أحد المحققين وهو: أن حقيقة الصوم إنما هو الإمساك، وهو غير صادق على من تناول غير المعتاد.

ويرد عليه: أن من الظاهر عدم كون حقيقة الإمساك بقول مطلق، بل الإمساك عن أشياء خاصة، والمخالف يقول بأن تناول غير المعتاد ليس من هذه الأشياء الخاصة.

الدليل الثالث:

الشهرة العظيمة المحققة، والإجماع المحكي عن جماعة من المحققين كالسيد المرتضى في الناصريات (١) والشيخ الطوسي في الخلاف (٢) وابن زهرة في الغنية، وابن أديس في السرائر (٣) والعلامة في المنتهى وغيرها، بل ادعي في الخلاف (٤) والناصرية إجماع جميع العلماء إلا النادر من المخالفين، وصرح الشيخ في الخلاف (٥) بإجماع المسلمين على مفطرية أكل البرد النازل من السماء، وأن المخالف قد انقرض.

وقد نقلنا سابقًا عبارة المغني لابن قدامة (٦) والشرح الكبير، حيث ذكرا اتفاق عامة أهل العلم إلا الحسن بن صالح، حيث قال: لا يفطر بما ليس بطعام ولا شراب. وأبا طلحة الأنصاري حيث يأكل البرد وهو صائم ويقول: ليس بطعام ولا شراب.

نعم يمكن أن يقال بعدم حجيته، لأنه محتمل المدرك بل مقطوعه، والإجماع المدركي ليس حجة لدى الإمامية.

ولكن الإنصاف أن هذه الإجماعات المدعاة بضميمة الشهرة المحققة مما توجب الاطمئنان بالحكم.

أدلة القول الثاني:

ويمكن أن يستدل له - بعد دعوى انصراف إطلاقات مفطرية الأكل والشرب عن غير المعتاد - بالروايات الدالة على عدم مفطرية غير المتعارف من المأكول والمشروب.

فيقيد بها إطلاقات الأكل والشرب على فرض تسليم إطلاقها,

منها ما ورد في حصر المفطرات، كصحيحة محمد بن مسلم، وهي ما رواه محمد بن الحسن بإسناده عن الحسين بن سعيد، وبإسناده عن محمد بن علي بن محبوب عن يعقوب بن يزيد، وبإسناده عن علي بن مهزيار جميعًا، عن ابن أبي عمير، عن حماد بن عثمان، عن محمد بن مسلم قال: سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول: " لا يضر الصائم ما صنع إذا اجتنب ثلاث خصال - في رواية محمد بن علي بن محبوب: أربع خصال - (٧) الطعام، والشرب، والنساء، والارتماس في الماء ". (٨)

وروى الصدوق بإسناده عن محمد بن مسلم مثله. (٩)

والرواية صحيحة كما هو واضح، ولا سبيل للخدش في سندها حتى يحتاج إلى البحث، كما هو واضح لمن راجع الأصول الرجالية لدى الإمامية.


(١) الجوامع الفقهية، ص ٢٠٦، مسألة ٢٦
(٢) الخلاف، ص ٢١٣
(٣) ص ٨٥
(٤) ص ٢١٢
(٥) ص ٢١٣
(٦) المغني: ١/ ٣٠٠
(٧) والأمر سهل؛ لإمكان عد الطعام أو الشرب أمراً واحداً تارة وأمرين أخرى
(٨) التهذيب: ٤/ ١٨٩، ٢٠٢، ٣١٨؛ الاستبصار: ٢/ ٨٠؛ والوسائل الباب ١ من أبواب ما يمسك عنه الصائم، ح ١
(٩) الفقيه: ٢/ ٦٧، ح ٢٧٦

<<  <  ج: ص:  >  >>