ويتأيد هذا القول بحديث الصحيحين عن رافع بن خديج أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:((ما أنهر الدم وذكر اسم الله عليه فكلوا)) ، وحديث الصحيحين أيضا عن عدي بن حاتم، وقريب منه عن أبي ثعلبة الخشني، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال في الصيد:((إذا أرسلت كلبك المعلم، وذكرت اسم الله تعالى عليه فكل ما أمسك عليك)) . فشرَطَ التسمية (١)
وأرجح الأقوال أن ما تركت التسمية عليه عمدا لا يؤكل، وأن ما تركت التسمية عليه سهوا ونسيانا يؤكل، عملا بظاهر الآية والأحاديث الدالة عليه، وضعف الأدلة التي اعتمد عليها الشافعية.
وقد عني ابن كثير شيخ التفسير بالأحاديث الواردة في هذه المسألة، فجمعها في رسالة ذكر فيها مذاهب الأئمة، ومآخذهم، وأدلتهم، ووجوه الدلالات، والمناقضات والمعارضات.
ملاحظة: في الكتب المذهبية الشافعية وكثير من كتب الفقه المقارن: ينسب إلى الإمام الشافعي أن قوله في هذه المسألة إباحة ذبيحة تارك التسمية متعمدا، كما نقلناه عنهم آنفًا، لكن الذي وجدته في كتاب (الأم) له يدل صراحة على أن قوله غير ذلك، وأن المتذكر عنده لابد له من التسمية، وذلك حيث يقول في أول كتاب الصيد والذبائح من الأم ما نصه:"إذا أرسل المسلم كلبه المعلم أحببت له أن يسمي، وإن لم يسم ناسيا فقتل أكل، لأنه إذا كان قتله كالذكاة، فهو لو نسي في الذبيحة أكل، لأن المسلم يذبح على اسم الله عز وجل وإن نسي ".
وعلى هذا فإن تحقيق مذهب الشافعية في هذه المسألة بحاجة إلى بحث.
(١) المغني، لابن قدامة: ٨/ ٥٦٥ تفسير أبي كثير عند الآية من سورة الأنعام؛ الأم للشافعي: ٢٤٨/٢؛ والقليوبي وعميرة: ٤/ ٢٦٣؛ وشرح فتح القدير: ٩/ ٤٨٩؛ والاختيار لتعليل المختار: ٥/ ٩؛ والدسوقي على الشرح الكبير: ٢/ ١٥٦، والكافي لابن عبد البر: ١/ ٤٢٨؛ وفتح الباري: ٩/ ٦٢٤؛ وذبائح أهل الكتاب للمودودي، ص ١٨-٢٤