للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الفرق بين التحكيم والقضاء والإفتاء

أولًا – الفرق بين القضاء والتحكيم:

يشترك الاثنان في أن كلا منهما وسيلة لفض النزاع بين الناس وتحقيق العدل ورفع الحيف والظلم ولهذا كانت الشروط المطلوبة في المحكم هي ذات الشروط المطلوبة تحققها في القاضي. قال في معين الحكام: وأما ولاية التحكيم بين الخصمين فهي ولاية مستفادة من آحاد الناس وهي شعبة من القضاء متعلقة بالأموال دون الحدود والقصاص (١) . إلا أن ذلك لا يمنع أن تكون ثمة فروقًا بينهما وقد وصلها ابن نجيم إلى سبعة عشر فرقًا (٢) ، ومعظم ما ذكره من مسائل الخلاف ولهذا نقتصر على أهم هذه الفروق التي يقول بها جمهور الفقهاء أيضًا؛ لأن مسائل الخلاف سيأتي الكلام عليها في ثنايا البحث.

وأهم هذه الفروق:

إن القاضي صاحب ولاية عامة بمعنى أن حكم القاضي يتعدى إلى غير المتخاصمين كما في صورة القتل الخطأ وليس كذلك المحكم فإن حكمه لا يتعدى إلى العاقلة؛ لأن العاقلة لأن العاقلة لم ترض بحكمه (٣) .

كذلك لا يتعدى حكمه على وارث إلى الباقي فإن حكم بدين على ميت في مواجهة أحد الورثة لم يتعد حكمه إلى بقية الورثة ولا على الميت لعدم رضاهم بحكمه وانطلاقًا من هذا المبدأ قالوا: إن المحكم لا يقيم حدًا ولا يلاعن بين الزوجين ولا يحكم في قصاص أو قذف أو طلاق أو نسب أو ولاء وإنما استثنيت هذه المسائل لاستلزامها إثبات حكم أو نفيه من غير المتحاكمين فاللعان يتعلق به حق الولد في نفي نسبه من أبيه وكذلك النسب والولاء يسري ذلك إلى غير المحكمين ومن يسري ذلك إليه لم يرض بحكم المحكم وكذلك الطلاق فإن فيه حق الله تعالى إذ لا يجوز أن تبقى المطلقة البائن في العصمة (٤) .


(١) معين الحكام للنابلسي ص ١١
(٢) البحر الرائق جـ ٧ / ٢٧؛ شرح مجلة الأحكام للشيخ خالد الأتاسي جـ ٦ / ٢٤
(٣) شرح أدب القاضي للخصاف جـ ٤ / ٦٤؛ البحر الرائق جـ ٧ / ٢٧ وأدب القضاء لابن أبي الدم ص ١٧٩. واختلف فقهاء الشافعية في وجوب الدية على العاقلة الراجح لا تجب الدية على العاقلة بحكمه لعدم رضاها بحكمه والثاني تجب ومبنى الخلاف عندهم هو أن الدية تجب ابتداء على القاتل ثم تتحملها العاقلة أو تجب على العاقلة ابتداء وعلى الاحتمال الأول تجب على العاقلة هنا، وعلى الثاني لا يتعدى حكم المحكم لعدم رضا العاقلة بحكمه
(٤) تبصرة الحاكم لابن فرحون جـ ٢/ ٥٥

<<  <  ج: ص:  >  >>