للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثم قال الشافعي رحمه الله: "فمن حكم على الناس بخلاف ما ظهر عليهم استدلالا على أن ما أظهروا يحتمل غير ما أظهروا بدلالة منهم، أو غير دلالة لم يسلم عندي من خلاف التنزيل والسنة وذلك أن يقول قائل من رجع عن الإسلام ممن ولد على الإسلام قتلته. ولم أستتبه، ومن رجع عنه ممن لم يولد على الإسلام استتبته، ولم يحكم الله تعالى على عباده إلا حكما واحدًا، مثل أن يقول: من رجع عن الإسلام ممن أظهر نصرانية أو يهودية أو دينا يظهر كالمجوسية استتبته، فإن أظهر التوبة قبلت منه ومن رجع إلى دين يخفيه لم استتبه قال الشافعي: وكل قد بدل دينه الحق ورجع إلى الكفر فكيف يستتاب بعضهم ولا يستتاب بعض وكل باطل (١) .

وقال الشافعي: العلم من وجهين، اتباع، واستنباط، والاتباع اتباع كتاب فإن لم يكن فسنة وإن لم يكن فقول عامة من سلف، لا نعلم له مخالفاً فإن لم يكن فقياس على كتاب الله عز وجل، فإن لم يكن فقياس على سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فإن لم يكن فقياس على قول عامة من سلف، لا مخالف له، ولا يجوز القول إلا بالقياس (٢) .

وفي الرسالة يقول الشافعي: "ولم يجعل الله لأحد بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يقول إلا من جهة عالم مضى قبله، وجهة العلم بعد الكتاب والسنة والإجماع والآثار".

وما وصفت من القياس عليها (٣) وفي كتاب إبطال الاستحسان أيضا من الأم يقول: (إنه لا يفسد عقد أبدًا، إلا بالعقد نفسه، لا يفسد بشيء تقدمه، ولا تأخره، ولا بتوهم، ولا بأغلب، وذلك كل شيء لا تفسده إلا بقصده، ولا تفسد البيوع بأن نقول: هذه ذريعة، وهذه نية سوء، ولو جاز أن نبطل من البيوع بأن يقال: متى خاف أن يكون ذريعة إلى الذي لا يحل كان أن يكون اليقين من البيوع بعقد ما لا يحل، أولى أن ترد به من الظن. ألا ترى أن رجلا لو اشترى سيفا ونوى بشرائه أن يقتل به، كان شراء حلال، وكانت النية بالقتل غير جائزة، ولم يبطل بها البيع، وكذا لو باع البائع سيفا من رجل يراه أن يقتل به رجلا كان هكذا) ثم يقول: "فإذا دل الكتاب ثم السنة ثم عامة حكام الإسلام على أن العقود إنما يثبت بالظاهر عقدها، لا يفسدها نية العاقدين، كانت العقود إذا عقدت في الظاهر صحيحة، فأولى ألا تفسد بتوهم غير عاقدها على عاقدها ثم سيما إذا كان توهما ضعيفا والله تعالى أعلم (٤) ".


(١) انظر الأم ج٧ و٢٦٩-٢٧٠
(٢) انظر اختلاف الحديث للشافعي المطبوع على هامش الأم ج٧ ص١٤٨، ١٤٩
(٣) انظر الرسالة الفقرة: ١٤٦٨
(٤) انظر الأم ج٧/٢٧٠

<<  <  ج: ص:  >  >>