للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((أيها الناس قد آن لكم أن تنتهوا عن محارم الله تعالى فمن أصاب منكم من هذه القاذورات شيئا فليستتر بستر الله، فإنه من يبدلنا صفحته نقم عليه كتاب الله)) فأخبرهم أنه لا يكشفهم عما لا يبدو من أنفسهم، وأنهم إذا أبدوا ما فيه الحق عليهم أخذوا بذلك (١) .

وفي كتاب الاستحسان من كتاب الأم قال الشافعي رحمه الله: وفي جميع ما وصفت ومع غيره مما استغنيت بما كتبت عنه عما فرض الله تعالى على الحكام في الدنيا دليل على أن حراما على حاكم أن يقضي أبدا على أحد من عباد الله إلا بأحسن ما يظهر وأخفه على المحكوم عليه، وإن احتمل ما يظهر منه غير أحسنه كانت عليه دلالة بما يحتمل ما يخالف أحسنه وأخفه عليه. أو لم تكن لما حكم الله في الأعراب الذين قالوا آمنا. وعلم الله أن الإيمان لم يدخل في قلوبهم، وما حكم الله تعالى به في المنافقين الذين أعلم الله أنهم آمنوا ثم كفروا وأنهم كذبة بما أظهروا من الإيمان، وبما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في المتلاعنين حين وصف قبل أن تلد إن جاءت به أسحم أدعج العينين عظيم الإليتين فلا أراه إلا قد صدق، فجاءت به على الوصف الذي قال النبي صلى الله عليه وسلم لزوجها فلا أراه إلا قد صدق، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ((إن أمره لبين)) ، أي لقد زنت وزنى بها شريك الذي رماه زوجها بالزنى، ثم لم يجعل الله إليهما سبيلا إذا لم يقرا، ولم تقم عليهما بينة، وأبطل في حكم الدنيا عليهما استعمال الدلالة التي لا يوجد في الدنيا دلالة بعد دلالة الله على المنافقين والأعراب أقوى مما أخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم في مولود امرأة العجلاني قبل أن يكون، ثم كان كما أخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم: والأغلب على من سمع الفزاري يقول للنبي صلى الله عليه وسلم، "إن امرأتي ولدت غلاما أسود وعرض بالقذف إنه يديد القذف، ثم لم يحده النبي صلى الله عليه وسلم إذ لم يكن التعريض ظاهر قذف، فلم يحكم النبي صلى الله عليه وسلم عليه حكم القاذف. قال: والأغلب على من سمع قول ركانة لامرأته أنت طالق البتة أنه يعقل أنه قد أوقع الطلاق بقوله طالق، وأن البتة إرادة شيء غير الأول أنه أزاد الإبتات بثلاث ولكنه لما كان ظاهرا في قوله واحتمل غيره لم يحكم رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا بظاهر الطلاق وذلك واحدة.


(١) انظر الأم جـ٢ ص٤١-٤٢

<<  <  ج: ص:  >  >>