للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أدلة الفريق الثاني: وتتلخص فيما يلي:

يقولون: الذرائع هي الوسائل، والوسائل على أنواع مختلفة الحكم، فقد تكون حراما ً، أو واجبة، أو مكروهة، أو مندوبة، أو مباحة، كما أنها تختلف باختلاف مقاصدها حسب قوة الغايات (من مصالح ومفاسد) وضعفها، وحسب الخفاء والظهور. فلا يمكن حينئذ اعتبار هذه الوسائل كلية ولا إلغاؤها كلية ... وإنما الأمر يتوقف على خصوصية تقتضي اعتبارها أو إلغاءها.

ويقولون: إن الشرع مبني على الحكم بالظاهر والله يتولى السرائر أما رأيت أن الله تعالى قد أطلع رسوله صلى الله عليه وسلم على حقيقة المنافقين، ولم يأمره أن يحكم عليهم في الدنيا بخلاف ما أظهروا.

وجعل الحكم في المتلاعنين بدرء الحد مع وجود علامة الزنى في المولود الذي أتت به المرأة على الوصف المكروه وهذا يدل على ترك العمل بالدلالة.

قال الشافعي: يبطل حكم الدلالة التي هي أقوى من الذرائع، فإذا أبطل الأقوى من الدلائل أبطل الأضعف من الذرائع كلها (١) .

وبناء على أمر الشرع بالحكم بالظاهر، وعلى إبطاله حكم الدلالة التي هي أقوى من الذريعة، وإبطال الذرائع بمفهوم الأولى، دل ذلك على أنه لا يفسد عقد أبدا إلا بالعقد نفسه، ولا يفسد بشيء تقدمه أو تأخر عنه، ولا بتوهم ولا بأغلب ظن، وكذلك كل شيء لا يفسده إلا بعقده، ولا تفسد البيوع بأن نقول هذه ذريعة، وهذه نية سوء (٢) .


(١) انظر الأم: ٤، ٣١٢ (ط. دار الفكر، بيروت، ١٤٠٣هـ/ ١٩٨٣م) .
(٢) انظر الأم: ٤، ٣١٢ (ط. دار الفكر، بيروت، ١٤٠٣هـ/ ١٩٨٣م) .

<<  <  ج: ص:  >  >>