ويوالي شيخ الإسلام ابن عاشور –رحمه الله- استعراض هذه الأدلة، وينزلها منازلها فيذكر: - الرجل الذي زوجه رسول الله صلى الله عليه وسلم المرأة –التي عرضت نفسها عليه والذي ليس معه مهر ولا يجد مهراً- بما معه من القرآن. ويبين أنها خصوصية جعلت لها صورة تشبه الصورة المعروفة إبقاء على حرمة حكم المهر.
- ما ورد في قضية أيوب عليه السلام من قوله تعالى:{وَخُذْ بِيَدِكَ ضِغْثًا فَاضْرِبْ بِهِ وَلَا تَحْنَثْ}[ص: ٤٤] عندما حلف أن يضرب امرأته ضربات، ولما ذهب غضبه أشفق عليها، وحصل له توقف كيف يبر يمينه فأمره تعالى بأن يضربها بضغث من عصي، فقد يكون شرعا شرعه له أو رخصة خاصة لنبيه حتى يعينه على الخروج من الأزمة دون استخفاف بحرمة اسم الله تعالى.
- ما ورد في قضية يوسف عليه السلام وهو قوله تعالى:{كَذَلِكَ كِدْنَا لِيُوسُفَ مَا كَانَ لِيَأْخُذَ أَخَاهُ فِي دِينِ الْمَلِكِ}[يوسف: ٧٦] . فليس من قبيل التحيل على شريعة إلهية، وإنما هو أمر محبوب لا يمنعه شرع إلهي بدليل قوله:{فِي دِينِ الْمَلِكِ}[يوسف: ٧٦] والملك هو فرعون.
وعلى فرض التسليم بأن هذه حيل هل هي صالحة للقياس عليها والنسج على منوالها؟ أو بعبارة أخرى: هل تصلح أصلا للقياس؟.
الجواب واضح، وهو أن ما يجعل أصلا للقياس عليه لا بد أن يشمل على معنى وحكمة تصحح القياس عليها، وقد سبق تقرير أن الحيلة مخالفة للحكم مفوتة للمقصد! فكيف يمكن القياس عليها وجعلها أصلا لحق به الأشباه والنظائر؟ وفي آخر هذا المبحث يحسن التنبيه إلى أن الحلال –في هذا الموضوع- بين والحرام بين، فمن وهب ماله قبل الحول بيوم ليسقط عن مال واجب الزكاة، ثم رجع في هبته بعد ذلك هو متحيل ماكر.