المقارنة بين الذرائع والحيل الفقهية ومدى الخلاف أو الوفاق بينها
أسلفنا في مطلع هذا البحث ما يتعلق بتعريف الذرائع. أما الحيل فالمفرد حيلة، والفعل تحيل تحيلا فهو متحيل. والتحيل في العرف واللغة فعل مذموم تأنفه الكرامة لما في تعاطيه من كيد ومكر وخديعة، ولما في مضمر فاعله من خبث.
أما التحيل في العرف الشرعي فهو عبارة عن أعمال يأتيها بعض الناس في خاصة أحواله للتخلص من حق شرعي عليه، بصورة هي أيضا معتبرة شرعا حتى يظن أنه جار على حكم الشرع.
وقيل في التحيل أيضًا: هو عمل يتم به إبراز الممنوع شرعا في صورة عمل جائز، أو يتم به إبراز غير معتد به شرعا في صورة معتد به بقصد التفصي من المؤاخذة.
فالتحيل شرعا هو ما كان المنع فيه شرعيا والمانع الشارع.
والتحيل بناء على هذين التعريفين لا يكون إلا محظورا شرعا بيد أنه: تقديم عمل ظاهر الجواز لإبطال حكم شرعي.
فليس عند المحققين من العلماء شيء من الحيل يوصف بأنه مشروع بحجة أن كل الحيل إنما يقصد منها تعطيل مقصد شرعي أو إبطال حكم أو إسقاط شرط أو غير ذلك من أحكام الشريعة وحدودها.
وما ليس كذلك من الحيل الموصوفة بأنها مباحة فليس فيها في الواقع شيء من التحيل ولا ينطبق عليها اسم التحيل المقرون بالخبث والمكر والخديعة، وإنما هي أشياء أخرى كان الأجدر أن يطلق عليها اسم: حسن التدبير أو الحرص أو الورع، وليس من هذا القبيل التغرير بل خداع ممقوت. مثال حسن التدبير: من أحب امرأة فسعى لتحقيق زواجه منها لتحل له مخالطتها.