للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ب- ابن القيم:

وابن القيم تلميذ ابن تيمية الذي كان متحمسًا مثله للعمل بسد الذرائع قال: إن قاعدة سد الذرائع من القواعد القطعية في الدين، وإن الشارع اعتبرها في التشريع، وسار عليها في تقويم الأحكام، وعرفت ملاءمتها لجنس تصرفات الشارع، لا من دليل واحد، ولا من نص معين، بل من جملة نصوص، ومجموعة أدلة تفوق الحصر وقد أيد دعواه بأدلة كثيرة من الكتاب والسنة وعمل الصحابة والتابعين وما أجمعت عليه الأمة في عهودها المتباينة من اعتماد سد الذرائع، واعتبارها وسائل لسد الفساد (١) .

وإن ما ورد من الشواهد والتطبيقات لسد الذريعة من الصحابة والتابعين قد انتقل بحذافيره إلى الأئمة المجتهدين، واستوعبته المذاهب الاجتهادية وبنت عليه أصولها ولهذا كان علينا أن نلقي نظرة على كل مذهب من المذاهب المشهورة لندرك مدى أخذها بسد الذرائع، وتحرير محل النزاع في ذلك.

إن شهرة المذهب المالكي باعتماده على سد الذرائع لا يقوم حجة على أن المذاهب الأخرى لا تقول بحرمة الوسائل المؤدية إلى الحرام، والمسماة بسد الذرائع، بل تخرجها بتخاريج أخرى تصل بها إلى نفس الحكم والغاية التي وصل إليها كل من المذهب المالكي والحنبلي.

يقول القرافي في الفرق الثامن والخمسين من كتابه الفروق: ليس سد الذرائع من خواص مذهب مالك كما يتوهمه كثير من المالكية، بل من الذرائع ما أجمعت الأمة على سده، ومنها ما أجمعت الأمة على عدم منعه، وقسم اختلف فيه العلماء: هل يسد أو لا؟ (٢) ثم قال في الفرق الرابع والتسعين بعد المائة: وإنما النزاع بين المالكية والشافعية في الذرائع خاصة، وهي بيوع الآجال ونحوها، ثم ذكر الخلاف في بيوع الآجال وما استدل به كل واحد من الفريقين (٣) .


(١) إعلام الموقعين ج٣ ص ١٤٩
(٢) الفروق للقرافي ج٢ ص ٣٢
(٣) الفروق للقرافي ج٣ ص ٢٦٦

<<  <  ج: ص:  >  >>