للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الفصل الثالث

في أقسام الذرائع وأحكامها وشروطها

يرى فقهاء المالكية، الذين يقيمون وزنًا (لقاعدة الذرائع) : أن هذه القاعدة لا تعني أن كل ذريعة يتوصل بها إلى الشيء الممنوع، تعتبر ممنوعة، بل إن في المسألة تفصيلًا، ومفتاح هذا التفصيل، عند فقيه جليل من فقهائهم، هو: الإمام القرافي (١) .

فقد ذكر أن الذرائع ثلاثة أقسام:

(أولها) : ما أجمع العلماء على سده ومنعه، من حيث يفضي كثيرًا إلى ما فيه مفسدة كحفر الآبار في طرق المسلمين، إذا علم وقوعهم فيها في غفلة أو ظلام، وكإلقاء السموم في الأطعمة، فإنه يفضي على وجه القطع أو الظن القريب منه، إلى موت من يتناول الطعام.

وكسب آلهة المشركين في وجوههم، فإنه يؤدي إلى ما فيه المفسدة، وهو سب الإله المعبود بحق، وإن كان سب آلهة المشركين في نفسه، ليس فيه مفسدة.

(وثانيها) : ما أجمعوا على إلغائه، وعدم سده، لقلة ما يفضي إليه من مفسدة، بالنسبة لكثرة ما ينتج عنه من المصلحة: كزراعة العنب، فقد يفضي إلى اتخاذ الخمر منه لشربها، فلم يمنعه الشارع؛ لأن المفسدة قليلة بالنسبة إلى الانتفاع بالعنب، من حيث أنه ثمرة طيبة من جملة الثمرات، فلا تمتد حرمة معاقرة الخمر وشربها، إلى وسيلته التي هي: زرع العنب، بل تبقى منوطة بتعاطي ما يسكر من عصيره.

وكالتجاور في البيوت، خشية الوقوع في الزنى، فهذا وأمثاله، يعد من الذرائع، التي اتفقوا على إلغائها، عدم الالتفات إليها.


(١) في كتابه النفيس الفروق ـ الفرق ٨٥ (الجزء الثاني، صفحة ٣٢) من طبعة عيسى الحلبي بالقاهرة وقد تصرفت بعض التصرف في عبارته

<<  <  ج: ص:  >  >>