للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(وقد تكون الحيلة متمثلة، وفقًا لأفضل المنافع، في فصل رأس مال مشترك) بقصد تجنب كل منهم، إلزامًا فادحًا، وحملًا ثقيلًا.

ولقد حرم الحديث الشريف، صراحة هذه الطريقة في الزيغ عن المحجة، وتنكبها فعن أنس بن مالك رضي الله عنه، أن أبا بكر الصديق رضي الله عنه، كتب له فريضة الصدقة، التي فرض رسول الله صلى الله عليه وسلم (ولا يجمع بين متفرق، ولا يفرق بين مجتمع، خشية الصدقة) (١) .

بقت بعض المنافذ، التي يمكن أن يتصورها، ويتبجح فيها أولئك الأغنياء قساة القلوب، حتى يفروا من العدالة الإنسانية، فهل بوسعهم أن يكونوا مطمئنين إلى الفرار، بهذه الحيل من العدالة الأبدية {قُلْ لَنْ يَنْفَعَكُمُ الْفِرَارُ إِنْ فَرَرْتُمْ} [الأحزاب: ١٦] .

لقد ساق القرآن الكريم لنا في هذا الصدد عبرة في قصة أصحاب الجنة، فإنهم أقسموا عشية الحصاد، أن يذهبوا إلى حديقتهم مبكرين، خفية حتى لا يلفتوا إليهم انتباه المساكين، وبذلك يطرحون عن كاهلهم، عبء اقتطاع جزء من ثروتهم.

ويا لها من مفاجأة مذهلة طالعتهم، حين وصلوا إلى جنتهم، لقد طاف على ثمراتها جميعًا، طائف العذاب الرباني، فدمرها وهم نائمون. (القصة في سورة ن ١٧ ـ ٣٣) .

قال أبو إسحاق الشاطبي (٢) " تضمنت الإخبار بعقابهم على قصد التحيل، لإسقاط حق المساكين، بتحريم المانع في إتيانهم، وهو وقت الصبح، الذي لا يبكر في مثله المساكين عادة":


(١) انظر صحيح البخاري ـ كتاب الحيل ـ باب رقم ٣
(٢) في الموافقات (١/ ٢٨٩)

<<  <  ج: ص:  >  >>